ظاهره لأن الشك لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام ويجوز على غيرهم على أنه عليه السلام قد نفى عن نفسه الشك بقوله: (بلى ولكن ليطمئن قلبي) وقد قيل إن نمرود قال له: إذا كنت تزعم أن لك ربا يحيي الموتى فسله أن يحيي لنا ميتا إن كان على ذلك قادرا فإن لم يفعل ذلك فقتلتك فأراد بقوله (ولكن ليطمئن قلبي) أي لآمن توعد عدوك لي بالقتل وقد يجوز أن يكون طلب ذلك لقومه وقد سألوه أن يرغب إلى الله فيه فقال: (ليطمئن قلبي) إلى إجابتك لي وإلي إزاحة علة قومي ولم يرد ليطمئن قلبي إلى أنك تقدر أن تحيي الموتى لأن قلبه بذلك مطمئن وأي شئ يريد أبو بكر من التفضيل أكثر من قوله: إن هذا الأمر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش [والأئمة من قريش] (1) وأي فرق بين ما يقال عند الموت وما يقال قبله إذا كان محفوظا معلوما لم يرفع حكمه ولم ينسخ، وبعد فظاهر الكلام لا يقتضي هذا التخصيص ونحن مع الإطلاق والظاهر، وأي حق يجوز أن يكون للأنصار في الإمامة غير أن يتولاها رجل منهم حتى يجوز أن يكون الحق الذي تمنى أن يسأل عنه غير الإمامة، وهل هذا إلا تعسف وتكلف، وأي شبهة تبقى بعد قول أبي بكر: ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر شئ فكنا لا ننازعه أهله، ومعلوم أن التنازع لم يقع بينهم إلا في الإمامة نفسها لا في حق آخر من حقوقها.
فأما قوله: (إنا قد بينا أنه لم يكن منه في بيت فاطمة عليها السلام ما يوجب أن يتمنى أن لم يفعله) فقد بينا فساد ما ظنه في هذا الباب، ومضى الكلام فيه مستقصى.
فأما قوله: (إن من اشتد التكليف عليه قد يتمنى خلافه) فليس بصحيح لأن ولاية أبي بكر إذا كانت هي التي اقتضاها الدين والنظر