عقل من الأمر الفور لأن سؤال الركب عنه عليه السلام لا معنى له بعد الوفاة وقول صاحب الكتاب: (فلم ينكر على أسامة تأخره) ليس بشئ وأي إنكار أبلغ من تكراره الأمر وترداده القول في حال يشغل عن المهم، ويقطع عن الفكر إلا فيها؟ وقد ينكر الأمر على المأمور تارة بتكرار الأمر وأخرى بغيره، وإذا سلمنا أن أمره عليه السلام كان متوجها إلى القائم بالأمر بعده لتنفيذ الجيش بعد الوفاة لم يلزم ما ذكره من خروج المخاطب بالإنفاذ عن الجملة، فكيف يصح ذلك وهو من جملة الجيش والأمر متضمن لتنفيذ الجيش؟ فلا بد من خروج كل من كان في جملته لأن تأخر بعضهم يسلب الخارجين اسم الجيش على الإطلاق، أوليس من مذهب صاحب الكتاب أن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم إلا معه، وقد اعتمد على هذا في مواضع كثيرة، وإن كان خروج الجيش ونفوذه لا يتم إلا بخروج أبي بكر فالأمر بخروجه أمر لأبي بكر بالنفوذ والخروج وكذلك لو أقبل عليه على سبيل التخصيص وقال: (نفذوا جيش أسامة) وكان هو في جملة الجيش فلا بد من أن يكون ذلك أمرا له بالخروج واستدلالا له على أنه لم يكن هناك إمام منصوص عليه لعموم الأمر بالتنفيذ، ليس بصحيح لأنا قد بينا أن الخطاب إنما توجه إلى الحاضرين ولم يتوجه إلى الإمام بعده، على أن هذا لازم له، لأن الإمام بعده لا يكون إلا واحدا فلم عمم صاحب الكتاب الخطاب ولم يفرد به الواحد فيقول: لينفذ القائم بالأمر بعدي جيش أسامة؟ فإن الحال لا يختلف في كون الإمام بعده عليه السلام واحدا بين أن يكون منصوصا عليه أو مختارا.
وأما ادعاؤه الشرط في أمره عليه السلام بالنفوذ فباطل لأن إطلاق الأمر يمنع من إثبات الشرط، وإنما يثبت من الشروط ما يقتضي العقل إثباتها من التمكن والقدرة، لأن ذلك شرط ثابت في كل أمر ورد من حكيم والمصلحة بخلاف ذلك، لأن الحكيم لا يأمر بشرط المصلحة بل