أحدهما أن هذه صفة من ليس بمعصوم، ولا يأمن الغلط على نفسه، ومن يحتاج إلى تقويم رعيته له إذا واقع المعصية، وقد بينا أن الإمام لا بد أن يكون معصوما مسددا موفقا، والوجه الآخر أن هذه صفة من لا يملك نفسه، ولا يضبط غضبه، ومن هو في نهاية الطيش والحدة، والخرق (1) والعجلة ولا خلاف أن الإمام يجب أن يكون منزها عن هذه الأوصاف غير حاصل عليها، وليس يشبه قول أبي بكر ما تلاه (2) من الآيات كلها، لأن أبا بكر خبر عن نفسه بطاعة الشيطان عند الغضب، وأن عادته بذلك جارية، وليس هذا بمنزلة من يوسوس له الشيطان ولا يطيعه، ويزين له القبيح فلا يأتيه، وليس وسوسته الشيطان بعيب على الموسوس له إذا لم يستزله ذلك عن الصواب، بل هو زيادة في التكليف، ووجه يتضاعف معه الثواب، وقوله تعالى: (ألقى الشيطان في أمنيته) (3) قيل: معناه في تلاوته، وقيل في فكرته على سبيل الخاطر، وأي الأمرين كان فلا عار في ذلك على النبي ولا نقص، وإنما العار والنقص على من يطيع الشيطان، ويتبع ما يدعو إليه، وليس لأحد أن يقول: هذا إن سلم لكم في جميع الآيات لم يسلم لكم في قوله: (فأزلهما الشيطان) (4) لأنه قد خبر عن تأثير غوايته ووسوسته بما كان منهما من الفعل، وذلك أن المعنى الصحيح في هذه الآية إن آدم وحواء كانا مندوبين
(١٢٢)