يعارض ذلك أخبارنا التي لا يجوز أن تصدر إلا عن الاعتقادات الصحيحة والمذاهب التي يدان الله تعالى بها (1) فأما قوله: (إن هذه الرواية كروايتهم أن علي بن أبي طالب عليه السلام هو إسرافيل وأن الحسن هو الميكائل إلى آخر كلامه) فمما كنا نظن أن مثل صاحب الكتاب يتنزه عن ذكره، والتشاغل بالاحتجاج به لأنا لا نعرف عاقلا يحتج عليه وله، ولا يذهب إلى ما حكاه، ومن ينتسب إلى التشيع رجلان مقتصد وغال فالمقتصد معلوم نزاهته عن مثل هذا القول، والغالي لم يرض إلا بالإلهية والربوبية، ومن قصر منهم ذهب إلى النبوة، فهذه الحكاية خارجة عن مذهب المقتصد، والغالي قد كان يجب لما أودعها كتابه محتجا بها أن يذكر قائلها، والذاهب إليها بعينها، والراوي لها باسمه، والكتاب الذي نقلها منه إن كان من كتاب.
وبعد فلو كانت هذه الحكاية صحيحة، وقد ذهب إليها ذاهب لكان من جملة مذاهب الغلاة الذين نبرأ إلى الله تعالى منهم، ولا نعدهم شيعة ولا مسلمين، فكيف تجري هذه الرواية مجرى ما حكاه عنا؟
ثم يقال له: ألست تعلم أن هذا المذهب يذهب إليه أصحاب الحلول، والعقل دال على بطلان قولهم؟ فهل العقل دال على استحالة ما روي من ضرب فاطمة عليها السلام فإن قال هما سيان، قيل له: فبين استحالة ذلك في العقل كما بينت استحالة الحلول، وقد ثبت مرادك، ومعلوم عجزك عن ذلك.