العلم، والمعجز في النفوس، من حيث أضاف النفاق إلى من شاهدها) فتشنيع في غير موضعه، واستناد إلى ما لا يجدي نفعا، لأن نفاق من شاهد الأعلام لا يضعفها، ولا يوهن دليلها، ولا يقدح في كونها حجة، لأن الأعلام ليست ملجئة إلى العلم، ولا موجبة لحصوله على كل حال، وإنما تثمر العلم لمن أنعم النظر فيها من الوجه الذي تدل منه، فمن عدل عن ذلك لسوء اختياره لا يكون عدوله مؤثرا في دلالتها فكم قد عدل من العقلاء وذوي الأحلام الراجحة والألباب الصحيحة عن تأمل هذه الأعلام، وأصابه الحق منها، ولم يكن ذلك عندنا وعند صاحب الكتاب قادحا في دلالة الأعلام، على أن هذا القول يوجب عليه أن ينفي النفاق والشك عن كل من صحب النبي وعاصره وشاهد أعلامه كعمرو بن العاص وأبي سفيان وفلان وفلان ممن قد اشتهر نفاقهم، وظهر شكهم في الدين وارتيابهم (1) وإن كانت إضافة النفاق إلى هؤلاء لا تقدح في دلالة الأعلام فكذلك القول في غيرهم.
فأما قوله: " إن حديث الاحراق ما صح، ولو صح لم يكن طعنا لأن له أن يهدد من امتنع من المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين " فقد بينا أن خبر الاحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم على القوم، وأن دفع الروايات بغير حجة أكثر من نفس المذاهب المختلف فيها لا يجدي شيئا، والذي اعتذر به من حديث الاحراق إذا صح طريف، وأي عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام منزلهما؟ وهل يكون في مثل ذلك علة يصغى إليها أو تسمع وإنما يكون مخالفا على المسلمين وخارقا