(فأزلهما الشيطان) وقوله: (وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) يوجب النقص في الأنبياء، وإذا لم يجب ذلك فكذلك ما وصف به أبو بكر نفسه وإنما أراد أن عند الغضب يشفق من المعصية ويحذر منها، ويخشى أن يكون الشيطان يعتريه في تلك الحال فيوسوس إليه، وذلك منه على طريق الزجر لنفسه عن المعاصي [والتفكر في أحواله] (1) وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه ترك مخاصمة الناس في حقوقه إشفاقا من المعصية وكان يولي ذلك عقيلا فلما (2) أسن عقيل كان يوليها عبد الله بن جعفر رحمهم الله أجمعين (3).
فأما ما روي من إقالة البيعة فهو خبر ضعيف وإن صح فالمراد به التنبيه على أنه لا يبالي لأمر يرجع إليه أن يقيله (4) الناس البيعة، وإنما يضرون بذلك أنفسهم، فكأنه نبه بذلك على أنه غير مكره لهم، وأنه قد خلاهم وما يريدون إلا أن يعرض ما يوجب خلافه، وقد روي أن أمير المؤمنين أقال عبد الله بن عمر البيعة حين استقاله، والمراد بذلك أنه تركه وما يختاره ولم يكرهه،...) (5) يقال له: أما قولك في ذلك فباطل لأن قول أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم، فإن استقمت فاتبعوني وإن اعوججت فقوموني فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني، لا أؤثر في أشعاركم ولا أبشاركم " (6) فإنه يدل على أنه لا يصلح للإمامة من وجهين