على نفسي (1) وأملت إنابته ورجوعه، فوالله ما فعل حتى فغر بها بشما (2)، فقال له المغيرة بن شعبة: فما منعك منها وقد عرضها عليك يوم السقيفة بدعائك إليها؟ ثم أنت الآن تنقم بالتأسف عليه! فقال له:
ثكلتك أمك يا مغيرة إن كنت لأعدك من دهاة العرب كأنك كنت غائبا عما هناك، إن الرجل كادني فكدته، وماكرني فماكرته، وألفاني أحذر من قطاة، إنه، لما رأى شغف الناس به، وإقبالهم بوجوههم عليه أيقن أن لا يريدوا به بدلا فأحب لما رأى من حرص الناس عليه، وشغفهم به، أن يعلم ما عندي، وهل تنازع إليها نفسي، وأحب أن يبلوني (3) بأطماعي فيها، والتعريض لي بها، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرض علي منها لم يجبه الناس إلى ذلك، فألقاني قائما على أخمصي متشوزا (4) حذرا ولو أجبته إلى قبولها لم يسلم الناس إلى ذلك واختبأها ضغنا علي في قلبه، ولم آمن غائلته (5) ولو بعد حين مع ما بدا لي من كراهية الناس، أما سمعت نداءهم من كل ناحية عند عرضها علي لا نريد سواك يا أبا بكر أنت لها، فرددتها عليه فعند ذلك رأيته وقد التمع وجهه لذلك سرورا، ولقد عاتبني مرة على شئ بلغه عني، وذلك لما قدم بالأشعث بن قيس أسيرا فمن عليه وأطلقه وزوجه أخته أم فروة بنت أبي قحافة (6) فقلت للأشعث