الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
بل هي البغتة، وما وقع فجأة من غير روية ولا مشاورة (1) واستشهد بقول الشاعر:
من يأمن الحدثان بعد صبيرة القرشي ماتا * سبقت منيته المشيب وكان ميتته افتلاتا (2) بمعنى نعتة من غير مقدمة، وحكي عن الرياشي (3) أن العرب تسمي آخر يوم من شوال فلتة من حيث أن من لم يدرك ثاره وطلبه فيه فاته، لأنه كانوا إذا دخلوا في الأشهر الحرم لا يطلبون الثأر، وذو القعدة من أشهر الحرم، وإنما سموه فلتة لأنهم أدركوا فيه ما كاد يفوتهم، فأراد عمر على هذا أن بيعة أبي بكر تداركها بعد ما كادت تفوت، وقوله: وقى الله شرها، دليل على التصويب لأن المراد بذلك أنه تعالى دفع شر الاختلاف فيها.
فأما قوله: " فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " (4) فالمراد من عاد إلى

(١) غ " بل يجب أن تكون محمولة - على ما نقل أهل اللغة - من أن المراد بها بغتة وفجأة من غير روية ومشاورة ".
(٢) في المغني هكذا: " هربا من الحدثان بعد جبيرة القرشي ماتا سبقت منه المشيب وكا، وعلق محقق المغني على هذا البيت بقوله: " تحريف أضاع منه الوزن والمعنى، ولو أنه جعل " ماتا " في الشطر الأول لاستقام الوزن، ولو كلف نفسه البحث عن البيتين لوجدهما في الكامل للمبرد ١ / ٣٤٨ وظهر له المعنى.
(٣) غ " أو على ما ذكره عسكر عن الرياشي " والذي عند ابن أبي الحديد " قال شيخنا أبو علي رحمه الله ذكر الرياشي ".
(٤) علق ابن أبي الحديد على كلام شيخه هذا بقوله: " واعلم أن هذه اللفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلطة الطينة، وجفاء الطبيعة، ولا حيلة له فيها، لأنه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها، ولا ريب عندنا أنه كان يتعاطى أن يتلطف، وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطبع الجاسي، والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات، ولا يقصد بها سوء، ولا يريد بها ذما ولا تخطئة كما قدمنا من قبل في اللفظة التي قالها في مرض النبي صلى الله عليه وآله، وكاللفظات التي قالها عام الحديبية وغير ذلك والله تعالى لا يجازي المكلف إلا بما نواه، ولقد كانت نيته من أطهر النيات، وأخلصها لله تعالى وللمسلمين، ومن أنصف علم أن هذا الكلام حق، وأنه يغني عن تأويل شيخنا أبي علي، شرح نهج البلاغة ٢ / 27 ".
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»