حاصلة للجماعة، وموجودة فيهم لما تصدوا لدفع الراية وتشوقوا إلى دعائهم إليها، ولا غبط أمير المؤمنين عليه السلام بها ولا مدحته الشعراء، ولا افتخرت له بذلك المقام، وفي مجموع القصة وتفصيلها إذا تأملت ما يكاد يضطر إلى غاية التفضيل، ونهاية التقديم، وفي أصحابنا من لم يرض بأن يكون هذا القول من الرسول صلى الله عليه وآله يدل على تفضيل أمير المؤمنين وتقديمه على الجماعة، حتى بين أنه يدل على أنه مختص من الأوصاف المذكورة في الخبر بما ليس موجودا عند من تقدمه في الحرب، قالوا: لأنه لو كان عندهم ما عنده أو يختصون بشئ مما ذكر اختصاصه به لكان القول عبثا وخلفا وليس هذا من دليل الخطاب في شئ، لأنهم لم يرجعوا في نفي الصفة عن غيره إلى مجرد إثباتها له، وإنما استدلوا بكيفية ما جرى في الحال على ذلك، لأنه صلى الله عليه وآله لا يجوز أن يغضب من فرار من فر وينكره، ثم يقول إنني أدفع الراية غدا إلى من عنده كذا وفيه كذا وكل ذلك عند من تقدم ألا ترى أن بعض حصفاء الملوك لو أرسل رسولا إلى غيره ففرط في أداء رسالته وحرفها، ولم يؤدها على حقها فغضب لذلك المرسل، وأنكر فعله، وقال: لأرسلن رسولا حصيفا حسن الكلام والقيام بأداء رسالتي مضطلعا بها، لكنا نعلم أن الذي أثبته منفي عن الأول، قالوا وكما انتفى عمن تقدم فتح الحصن على أيديهم، والكر الذي لا فرار معه، كذلك يجب أن ينتفي سائر ما أثبت له صلى الله عليه وآله، لأن الكل خرج مخرجا واحدا وورد على طريقة واحدة، وهذا وجه وإن كان الذي لا يمكن أن يدفع ولا يشغب فيه هو دلالة الكلام، وجملة القصة على أنه يزيد على القوم في جميع ما ذكر، ويفضل عليهم فيه فضلا ظاهرا لن يشاركوه في شئ منه، فإنه ليس في هذا من الشبهة ما في ادعاء نفي المشاركة وإن قلت وضعفت.
قال صاحب الكتاب: (دليل لهم آخر، وربما تعلقوا بأخبارهم