الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٨٨
فقال صلى الله عليه وآله: (أين علي فقالوا يا رسول الله، هو أرمد، فبعث إليه أبا ذر وسلمان فجاءا به يقاد لا يقدر على فتح عينيه من الرمد، فلما دنى من رسول الله صلى الله عليه وآله تفل في عينيه فقال: (اللهم أذهب عنه الحر والبرد، وانصره على عدوه، فإنه عبدك يحبك ويحب رسولك كرار غير فرار) ثم دفع إليه الراية فاستأذنه حسان بن ثابت أن يقول فيه شعرا، قال: قل فأنشأ يقول:
وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا يحب إلهي والإله يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا فأصفى بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا (1) ويقال إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يجد بعد ذلك أذى حر ولا برد.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس هذا الخبر بعينه على وجه آخر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر إلى خيبر فرجع وقد انهزم وانهزم الناس معه، ثم بعث من الغد عمر فرجع وقد جرح في رجليه، وانهزم الناس معه فهو يجبن الناس والناس يجبنونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار ولا يرجع حتى يفتح الله عليه) وقال ابن عباس: فأصبحنا متشوقين نرائي وجوهنا رجاء أن يدعى رجل منا فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وهو أرمد فتفل في عينيه، ودفع إليه الراية ففتح الله عليه فهذه الأخبار وجميع ما روي في هذه القصة، وكيفية ما جرت عليه يدل على غاية التفضيل والتقديم، لأنه لو لم يفد القول إلا المحبة التي هي

(1) كفاية الطالب ص 16.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»