الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٦٨
أنا مكان القطب من الرحى يقتضي ما فيه أن غيره لا يقوم فيه مقامه كما أن غير القطب لا يقوم مقام القطب ولا يفهم من هذا الكلام أنه أهل له وموضع، ولا هو مثال من يريد الإخبار عن المعنى الذي ذكرناه.
فأما قوله: (إن القطب لا يستقل بنفسه ولا بد في تمامه من الرحى) فأول ما فيه أنه تأول في اللغة، وتحمل الألفاظ ما لم توضع له، لأن عرف أهل اللغة جاء باستعمال لفظ القطب في الموضع الذي ذكرناه، وعند إرادة أحدهم أن يخبر عن نهاية الاستحقاق والتفرد بالأمر الذي لا يقع فيه مشاركة فتأوله مع المعرفة بمرادهم في هذه اللفظة لا معنى له، على أن القطب أشد استقلالا بنفسه من باقي الرحى لأنه يمكن أن يتحرك ويدور من غير أن يتصل به شئ وباقي الرحى لا يمكن ذلك فيه على سبيل الدور إلا بقطب.
فأما الإضافة إلى كنية أبيه فمما لا نعتبره في الخبر، وعلى كل حال، فليس ذلك صنع من يريد التعظيم والتبجيل، وقد كانت لأبي بكر عندهم من الألقاب الجميلة ما يقصد إليه من يريد تعظيمه، وقوله: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله ينادى باسمه فمعاذ الله ما كان ينادى باسمه إلا شاك فيه أو جاهل من طغام الأعراب الذين لا يعرفون ما يجب عليهم في هذا الباب، وقوله: (من عادة العرب أن يسمي أحدهم صاحبه ويضيفه إلى أبيه من غير إرادة سوء) فلا شك في أن هذه عادة القوم فيمن لا يكون له من الألقاب أفخمها وأعظمها كالصديق وخليفة رسول الله، وما نجدهم يعدلون عن ذكر الإنسان بلقبه العظيم الذي يدل على محله ومرتبته إلى إضافته إلى اسم أبيه إلا ومقصدهم بذلك خلاف التعظيم والمدح.
فأما قوله: (إنه كان يجب لما انتهى إليه الأمر أن يتتبع أحكام القوم
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 » »»