الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٧١
جارية على من حكم بها عليه وواقعة موقع الصحيح، وقد يجوز أن يؤثر الضرورة في استباحة ما لا يجوز استباحته لولاها كما قد يؤثر في استباحة الميتة وغيرها فأما الحنفية فلم تكن سبية على الحقيقة، ولم يستبحها عليه السلام بالسبا لأنها بالاسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها عقد النكاح، فمن أين أنه استباحها بالسبا دون عقد النكاح، وفي أصحابنا من يذهب إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار وقهروا ولم يتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم جاز له أن يطأ سبيهم ويجري أحكامهم مع الغلبة والقهر مجرى أحكام المحقين فيما يرجع إلى المحكوم عليه، وإن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقبا آثما.
فأما إقامة الحدود، فما نعرف في ذلك إلا أن عثمان أراد أن يدرأ الحد عن أخيه (1) وكان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا، وغلب في ظنه التمكن من إقامة الحد، فأمر به، وهذا مما يجب مع التمكن وهو في باب الانكار عليهم أدخل.

(١) أي الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان أخا عثمان لأمه ولاه الكوفة بعد أن عزل عنها سعد بن أبي وقاص وكان الوليد ماجنا معروفا بالفسق، وهو الذي سماه الله فاسقا في موضعين من القرآن الكريم الأول في قوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)، السجدة 18 انظر الكشاف 3 / 243، والثاني في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الحجرات 6، لما كذب على بني المصطلق على رسول الله صلى الله عليه وآله وادعى أنهم منعوه الصدقة (انظر تفصيل القضية في سيرة ابن هشام 3 / 308) فعظم ذلك على أهل الكوفة حيث يستبدل سعد بمثل الوليد فشرب الخمر ذات يوم وصلى بالناس وهو سكران فتكلم بالصلاة وزاد فيها، وقاء في المحراب وأخذوا خاتمه من إصبعه وهو لا يعلم وشهدوا بذلك عند عثمان فرد شهادتهم فشكوا ذلك إلى علي عليه السلام فأقبل إلى عثمان وعاتبه في ذلك ثم أخذ عليه السلام الوليد فجلده بين يدي أخيه وتفصيل القضية في الأغاني 5 / 120 - 133 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17 / 227.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 » »»