الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٦٩
فينقض ما يجب أن ينقض منها) فهو من عمدهم التي يعتمدونها، وربما أضافوا إليها أنه نكح سبيهم، فإن الحنفية كانت سبية، وأنه أقام الحد بين أيديهم، وزوج ابنته من فاطمة بعضهم، ويقولون كل ذلك دال على الولاية، وخلاف العداوة فكيف يستبيح من الحنفية ما استباحه بسبي من لا تجوز طاعته وكيف يزوج مرتدا ابنته؟
ونحن نذكر الوجه في ذلك شيئا فشيئا فنقول: إنا قد بينا فيما مضى من كلامنا أن أمير المؤمنين عليه السلام كان منذ قبض الله نبيه في حال تقية ومداراة ومدافعة لاستيلاء من استبد بالأمر عليه، ولما اتفق من الأمور التي بيناها مجملة ومفصلة، فلما قتل عثمان وأفضى الأمر إليه لم يفض إليه من الوجه الذي استحقه، لأنهم إنما عقدوا له الإمامة بالاختيار الذي ليس بطريق إلى الإمامة وبنى أكثرهم هذا الاختيار في صحته والتوصل إلى الإمامة به على اختيار من تقدم فكره أمير المؤمنين عليه السلام أن يبرأ من الأمر ويقيم على ترك الدخول فيه فيخرج لأنه إذا تمكن من التصرف فيما جعل إليه بطريق من الطرق، وعلى وجه من الوجوه، فعليه أن يتصرف ويقيم بما أوجب الله أن يقيمه، وكره أن يعرفهم أن إمامته لم تثبت باختيارهم، وأنه المنصوص عليه من ابتداء الأمر فيقولون له: صرحت بذم السلف وطعنت في الأئمة الثلاثة وكل سبب ذكرنا أنه كان يمنعه من الموافقة على ما ذكرناه سالفا فهو يمنعه على أوكد الأحوال آنفا ولو لم يكن في تصريحه عليه السلام بذلك عند دعائهم له إلى الأمر، إلا أنه كان سببا لخلافهم عليه، وترك تسليم الأمر إليه، فلا يتمكن مما لاح له التمكن منه فالتقية لم تفارقه ولم يجد منها في حال من الأحوال بد وكيف تتبع أحكام القوم، والعاقدون له الإمامة والمسلمون إليه الأمر كانوا أولياءهم وشيعتهم، وممن يرى إمامتهم وإن إمامته عليه السلام فرع على إمامتهم،
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 » »»