الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
مريض، قال فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بني عمه: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ولكن تلق مني قولي فاسمعوه، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع به صوته فيسمع أصحابه، فقال:
بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه " يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الاسلام، ليست لقبيلة من العرب، إن محمدا صلى الله عليه وسلم لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأنداد فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به، حتى إذا أراد الله بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، فرزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، وكنتم أشد الناس على عدوه منكم، وأثقله على عدوه من غيركم، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا واخرا وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض، وبكم قرير العين، استبدوا بهذا الأمر دون الناس، فإنه لكم دون الناس " فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا، ثم إنهم ترادوا الكلام، فقالوا: فإن أتت مهاجرة قريش، فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه، فعلام تنازعوا الأمر من بعده، فقالت طائفة منهم: فإنا نقول إذا فمنا أمير ومنكم أمير، ولن نرضى بدون هذا أبدا، فقال سعد بن عبادة حين سمعها: هذا أول الوهن، وأتى عمر الخبر فأقبل إلى منزل النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إلى أبي بكر، وأبو بكر في الدار وعلي بن أبي طالب عليه السلام دائب في جهاز النبي
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»