الأولين الأولين من قومه بتصديقه، والإيمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياهم، وكل الناس لهم مخالف، وعليهم زار، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وتشنف (1) الناس لهم وإجماع قومهم عليهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله وبالرسول، وهم أولياؤه وعشيرته، وأحق الناس بهذا الأمر من بعده، ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين، ولا سابقتهم العظيمة في الاسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته، وفيكم جلة أصحابه وأزواجه، فليس بعد المهاجرين الأولين أحد عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تفاوتون (2) بمشورة، ولا تقضى دونكم الأمور، فقام إليه المنذر بن الحباب (3) - هكذا روى الطبري والذي رواه غيره أنه الحباب المنذر (4) فقال: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم فإن الناس في فيئكم وظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوا العدد والتجربة، وذووا البأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وتنتقض أموركم، إن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير، فقال عمر بن الخطاب هيهات لا يجتمع اثنان في قرن (5) إنه والله
(١٨٧)