قلنا: الاعتراض بخبر شاذ يرده ويطعن عليه أكثر الأمة على خبر مجمع عليه مسلم روايته لا وجه له، على أن قول أبي بكر هذا لو كان صحيحا لم يكن من حمله على التوسع والتجوز بد لأن قرب أبي بكر إلى الرسول في النسب لا يقتضي أن يطلق عليه لفظة " عترة " على سبيل الحقيقة، لأن بني تيم بن مرة وإن كانوا إلى بني هاشم أقرب ممن بعد عنهم بأب أو أبوين فكذلك من بعد عنهم بأب أو بأبوين أو أكثر من ذلك هو أقرب إلى بني هاشم ممن بعد أكثر من هذا البعد، وفي هذا ما يقتضي أن تكون قريش كلها عترة واحدة، بل يقتضي أن يكون جميع ولد معد بن عدنان عترة، لأن بعضهم أقرب إلى بعض من اليمن، وعلى هذا التدريج حتى يجعل جميع بني آدم عترة واحدة، فصح بما ذكرناه أن الخبر إذا صح كان مجازا ويكون وجه ذلك ما أراده أبو بكر من الافتخار بالقرابة من نسب الرسول صلى الله عليه وآله وأطلق هذه اللفظة توسعا، وقد يقول من له أدنى شعبة بقوم وأيسر علقة بنسبهم: أنا من بني فلان، على سبيل التوسع، وقد يقول أحدنا لمن ليس بابن له على الحقيقة: إنك ابني وولدي، إذا أراد الاختصاص والشفقة، وكذلك قد يقول لمن لم يلده:
أنت أبي، فعلى هذا يجب أن يحمل قول أبي بكر وإن كانت الحقيقة تقتضي خلافه، على أن أبا بكر لو صح كونه من عترة الرسول عليه السلام على سبيل الحقيقة لكان خارجا من حكم قوله: (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) لأن الرسول صلى الله عليه وآله قيد ذلك بصفة معلوم، وأنها لم تكن في أبي بكر وهي قوله: (أهل بيتي) ولا شبهة في أنه لم يكن من أهل البيت الذين ذكرنا أن الآية نزلت فيهم واختصتهم، ولا ممن يطلق عليه في العرف أنه من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله، لأن من اجتمع مع غيره بعد عشرة آباء أو نحوهم لا يقال إنه: من أهل بيته، وإذا صحت