الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٤
لا بد أن يكون أفضل من رعيته في العبادات والطاعات، وأنه لا بد أن يكون سليم الباطن بدليل عصمته، علم أنه أكثر ثوابا وهو إذا علم أن الإمام لا بد أن يكون معصوما فليس بواجب أن يعلم أن العصمة لا يمكن المعرفة بها من طريق الاختيار، وأنه لا بد فيها من النص لأن هذا مما لا يعلم إلا بنظر مستأنف، وضرب من الاستدلال مفرد فليس يمتنع أن يعلمه معصوما وأكثر ثوابا ثم ينظر في كونه أكثر ثوابا، وهل هو مما يصح أن يعرف بالاستنباط أم لا يعرف إلا بالنص؟ فإذا عرف أنه مما لا يعلم إلا بالنص خلص له بهذا الطريق العلم بوجوب النص وإن كان لا يعلم أن كثرة الثواب لا تعلم بالاختيار وأنها لا تعلم إلا بالنص إلا بما يعلم به أن العصمة بهذه المنزلة، وهذا لا يخرجه من أن يكون في الأصل إنما علم وجوب النص بطريقة كثرة الثواب وبعد حصول العلم هو مخير بين أن يستدل على المخالف في وجوب النص بطريقة كثرة الثواب وبين أن يستدل بطريقة العصمة لاشتراكهما في امتناع دخول الاستنباط فيهما، وإن كان الاستدلال بالعصمة مع تقدم العلم الذي ذكرناه أخص وأولى لأنه يزيح في الاعتماد عليها رتبة من الكلام ثانية يحتاج في تصحيحها إلى ضرب من الكلفة، ولهذا الموضع مثال في الأصول صحيح وهو أنا نستدل على وجود الفاعل القديم جلت قدرته تارة بكونه قادرا، وتارة بكونه عالما لأن الطريقتين جميعا تشتركان فيما يقتضي كونه موجودا، ونحن نعلم أنا لا نعلمه عالما إلا بعد أن نعلمه قادرا، ومنزلة كونه عالما في الرتبة تالية لكونه قادرا، وليس يصح أن يقدح في الاستدلال على وجوده بكونه عالما بأن يقال إذا كنتم لا تعلمونه عالما إلا بعد أن تعلموه) قادرا وكان كونه قادرا يدل بنفسه على وجوده فلا فائدة من الاستدلال بكونه عالما لأن الذي يبطل به هذا القدح هو ما ذكرناه في جواب السؤال أو قريب منه.
(٤٤)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»