الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٧
الترافع إلى الحكام لا يدل أيضا على ارتفاع العلم بحكم ما وقع الترافع فيه، وقد تخاصم الحكام وترافع إلى حكمهم من هو أعلم منهم بالحكم، وليس يدل أيضا قضاء عمر بينهما بما قضى به على أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن محقا فيما ادعاه، ولا يدل صبره تحت القضية (1) وإظهاره الرضا بها على الرجوع عن اعتقاده الأول لأنه لا شبهة في أن أحدنا يلتزم من حكم الحاكم عليه ما لا يعتقده، ولا يدين الله بصحته، ولم يرجع أمير المؤمنين عليه السلام إلى عمر على سبيل الاستفادة والتعلم، بل على طريقة الحكومة فمن أين يظن أنه صلوات الله عليه لم يكن عالما بالحكم في تلك الحال الحادثة؟ والظاهر من مذهبه عليه السلام أن عصبة المرأة المعتقة من قبل أبيها أحق بالولاء والميراث من ولدها ذكورا أو إناثا، وقد روي أنه مذهب عثمان (2) أيضا.
فأما ما رواه من الخبر في الاستحلاف فأبعد من أن يكون شبهة فيما نحن فيه مما تقدم لأن استحلافه لمن يخبره عن النبي صلى الله عليه وآله بالأخبار في الأحكام لا يدل على أنه غير عالم بها، بل جائز أن يكون سبب استحلافه ليعلم عليه السلام وليغلب على ظنه أن الخبر صادق عن النبي صلى الله عليه وآله فيما رواه، وإن كان الحكم بعينه مستقرا عنده، وقد يمكن الشك في الخبر المروي وصدق رواية مع العلم بصحة الحكم الذي تضمنه الخبر، لأن الحكم وإن كان على ما تضمنه الخبر فجائز أن يكون المخبر لم يسمع ذلك الحكم من النبي صلى الله عليه وآله وليس المعرفة

(1) خ " القضاء ".
(2) لم أعثر على رأي عثمان في المسألة مع التتبع، ولكن ذكر أن هذا رأي أبان بن عثمان، ولا جرم أن المرتضى أدرى بما نقل أو لعل " أبان بن " سقطت وانظر المغني لابن قدامة 6 / 372، والمحلى لابن حزم 9 / 300.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»