الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٣
فإن قال قائل: ليس يجئ مما ذكرتموه لو سلم كون الإمام أكثر ثوابا من رعيته، وأكثر ما يجب إذا كان إماما لهم في العبادات أن يكون أفضل منهم فيها، بمعنى أنه أحسن ظاهرا وأفضل حالا فيما يظهر من طاعاته وعباداته، وكون تلك العبادات مما يستحق عليه أكثر من ثوابنا أو مما عليه ثواب في الجملة ليس بمعلوم ولا دليل عليه، فمن أين لكم أن الإمام يجب أن يكون أكثر ثوابا من رعيته؟
قيل له: إذا وجب بما ذكرناه أن يكون الإمام أفضل من رعيته في العبادات التي كان إماما لهم فيها، وأن يكون ظاهرة أفضل من ظاهرهم وجب أن يكون أكثرهم ثوابا لأنه لا يخرج عن أن يكون أكثرهم ثوابا مع فضل طاعاته وعباداته وكثرتها إلا لأن باطنه يخالف ظاهره، والدلالة على عصمته تمنع من ذلك، فإذا وجب بدليل عصمته أن يكون ظاهره كباطنه، وكان أفضل ظاهرا في العبادات من رعيته وجب أن يكون أكثرهم ثوابا.
فإن قال: إذا كنتم ترجعون في العلم بأن الإمام أكثر ثوابا من رعيته إلى عصمته وكان هذا العلم الذي هو علم بأنه أكثر ثوابا لا يثبت إلا بعد ثبوت العصمة والعصمة إن ثبتت دلت بنفسها على وجوب النص فأي حاجة بكم إلى الاستدلال بكون الإمام أكثر ثوابا على وجوب النص، وذلك لا يعلم إلا بعد العلم بما يقتضي وجوب النص وهو العصمة؟ وهذا يوجب أن الطريقة الصحيحة هي طريقة العصمة، وأن طريقة الفضل وكثرة الثواب لا فائدة فيها.
قيل له: هذه الطريقة وإن كانت مبنية على دليل العصمة، فقد يمكن أن يعلم بها المستدل في الأصل وجوب النص لأنه إذا علم أن الإمام
(٤٣)
مفاتيح البحث: الوجوب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»