الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٨
إلا من هو عالم بجميع الأحكام. وقد علمنا أن من يمكنه اختيار الإمام وامتحانه من جماعات الأمة لا يعلم بذلك، ولا يحيط به، ورتب الكلام في هذه الطريقة ترتيبه في الطريقين المتقدمين.
وهذا الدليل ليس يرجع فيه إلى مجرد العقل بل لا بد فيه من ثبوت أمر لا يثبت إلا بالسمع، لأن التعبد بالأحكام الشرعية في الأصل كان يجوز في العقل سقوطه وارتفاعه عن المكلفين، ولا شئ من هذه الأحكام إلا والعقل يجوز أن لا يرد التعبد به بأن لا يكون فيه مصلحة وإذا كان العقل غير موجب لثبوت هذه الأحكام في حال فكيف يجب فيه كون الإمام عالما بها في كل حال ويجعل علمه بذلك من شروط إمامته؟ والذي يقتضيه مجرد العقل أن الإمام لا بد أن يكون مضطلعا (1) بما أسند إليه، عالما بما عول فيه عليه في التدبير (2).
فأما العلم بالأحكام الشرعية الواردة من طريق السمع فليس في العقل إلا أن السمع إذا ورد بها علمنا بالقياس العقلي أن الإمام لا بد أن يكون عالما بجميعها على ما سنذكره.
فأما قوله في هذا الفصل: " إنه غير ممتنع أن يعلم تعالى أن الصلاح أن لا يقام الإمام أصلا فكما يكوز ذلك فجاز أن يكون الصلاح إقامته بطريقة الاجتهاد إذا ثبت وبين موضعه، بأن يدل تعالى على الصفة التي إذا كان عليها من يقيمه كان صلاحا " فمما قد تقدم فساده بما دللنا به على وجوب الإمامة، وعلى أن الصفة التي لا بد من كون الإمام عليها لا يمكن أن يستفاد من جهة الاجتهاد، وأنها مما لا يقوم على مثله دلالة فيعلم من

(1) اضطلع بالأمر: قام به مع ثقله وفي المخطوطة " مطلعا ".
(2) على تدبيره، خ ل.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»