الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
ومنها، قول العباس رحمه الله لأمير المؤمنين عليه السلام: أمدد يدك أبايعك حتى يقول الناس عم رسول الله صلى الله عليه وآله بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان، وهذا القول منه والحال حال سلامة لا تقية فيها، ولا خوف ولا إكراه، دلالة واضحة على أنه لم يكن منصوصا عليه.
ومنها، ما قدمناه في فساد النص على أبي بكر وهو أن الإمام إذا دلت العقول على أنه لا بد أن يكون معصوما وجب نفي النص عمن علمناه غير معصوم، وقد أجمعت الأمة على أن العباس لم يكن معصوما فوجب نفي النص عليه.
ومنها، أن الإمام على ما دللنا عليه من قبل يجب أن يكون عالما بجميع الدين دقيقه وجليله حتى لا يشذ عنه منه شئ وقد أطبقت الأمة على أن العباس رضي الله عنه لم يكن بهذه الصفة، وزاد جميع مخالفي الشيعة من المعتزلة وغيرهم على هذا حتى ذهبوا إلى أنه لم يكن محيطا من العلوم بالقدر الذي يحتاج إليه الإمام عندهم، وهو التوسط في علوم الدين ومساواة أهل الاجتهاد والفتوى فيها، ويكفي في بطلان النص عليه عندنا أن لا يكون عالما بالكل ومضطلعا بالجميع.
فأما قول صاحب الكتاب: " ليجوزن ادعاء النص على العباس ويختص بمعرفته قوم ثم ينقطع النقل، لأنه إن جاز انقطاعه عن الكل " فطريف لأن انقطاع النقل عن الكل يسقط الحجة، ويرفع الطريق إلى العلم، وليس كذلك عنه انقطاعه عن البعض، والنص الذي نعتقده وإن لم ينقله جميع الأمة فقد نقله عندنا من يقوم الحجة بنقله، على أن القول إذا ظهر ثم انقطع فبانقطاعه مما يصير الإجماع منعقدا على خلافه، ويقتضي
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»