الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٢١
والفرق بينها وبين ما يذهب إليه الشيعة في النص على أمير المؤمنين عليه السلام وجوه:
منها، أنا لا نسمع بهذه المقالة إلا حكاية، وما شاهدنا قط ولا شاهد من أخبرنا ممن لقيناه قوما يدينون بها والحال في شذوذ أهلها أظهر من الحال في شذوذ البكرية، فإن البكرية وإن كنا لم نلق منهم إلا آحادا (1) لا تقوم الحجة بمثلهم، فقد وجدوا على حال وعرف في جملة الناس من يذهب إلى المقالة المروية عنهم، وليس هذا في العباسية، ولولا أن الجاحظ صنف كتابا حكى فيه مقالتهم (2) وأورد فيه ضربا من الحجاج ونسبه إليهم لما عرف لهم شبهة ولا طريقة يعتمد في نصرة قولهم، والظاهر أن قوما ممن أراد التسلق والتوصل إلى منافع الدنيا تقرب إلى بعض خلفاء ولد العباس بذكر هذا المذهب وإظهار اعتقاده، ثم انقرض أهله، وانقطع نظام القائلين به لانقطاع الأسباب والدواعي لهم إلى إظهاره، ومن جعل ما يحكى من هذه المقالة الضعيفة الشاذة معارضة لقول الشيعة في النص فقد خرج عن الغاية في البهت (3) والمكابرة.
ومنها، أن الذي يحكى من هذه الفرقة التي أخبرنا عن شذوذها وانقراضها مخالف أيضا لما تدين به الشيعة من النص، لأنهم يعولون فيما يدعونه من النص على صاحبهم رحمة الله عليه (4) على أخبار آحاد ليس في شئ منها تصريح بنص ولا تعريض به، ولا دلالة عليه من فحوى ولا ظاهر، وإنما يعتمدون على أن العم وإرث، وأنه يستحق وراثة المقام كما يستحق وراثة المال، وعلى ما روي من قوله عليه السلام (ردوا علي

(1) في الأصل " أحدا " والتصحيح عن المخطوطة.
(2) برسالة سماها " العباسية ".
(3) البهت: التقول على الغير بما لم يقل.
(4) يعني العباس.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»