الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١١٣
بالحجة وقوي في نفسه صلوات الله عليه ما تعقبه المحاجة لهم من الضرر في الدين والدنيا، هذا إلى ما كان متشاغلا به من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه عليه السلام لم يفرغ من بعض ما وجب عليه من تجهيزه ونقله إلى حفرته، حتى اتصل به تمام الأمر ووقوع العقد، وانتظام أمر البيعة، وليس هذا ولا بعضه في أبي بكر لأنه لم يشغله عن الحضور والمنازعة شاغل، ولا حال بينه وبين الاحتجاج حائل، ولا كانت عليه من القوم تقية لأنه كان في حيز المهاجرين الذين لهم القدم (1) والتقدم، وفيهم الأعلام، ثم انحاز إليه أكثر الأنصار، وكل أسباب الخوف والاحتشام (2) عنه زائلة لا سيما وعند جماعة مخالفينا أن القوم الحاضرين بالسقيفة إنما حضروا للبحث والتفتيش والكشف عمن يستحق الإمامة ليعقدوها له، ولم يكن حضورهم لما تدعيه الشيعة من إزالة الأمر عن مستحقيه، والعدول به عن وجهه، فأي عذر لمن لم يذكر من حاله في الإنصاف وطلب الحق هذه بعهد الرسول صلى الله عليه وآله ونصه عليه، وهذا أوضح من أن يحتاج إلى زيادة في كشفه فأما المانع لأمير المؤمنين عليه السلام من الاحتجاج بالنص في الشورى فهو المانع الأول مع أنه في تلك الحال قد ازداد شدة واستحكاما لأن من حضر الشورى من القوم كان معتقدا لإمامة المتقدمين، وبطلان النص على غيرهما، وأن حضورهم إنما كان للعقد من جهة الاختيار فكيف يصح أن يحتج على مثل هؤلاء بالنص الذي لا شبهة في أن الاحتجاج به تظليم للمتقدمين وتضليل لكل من دان بإقامتهما، وامتثل حدودهما، وليس بنا حاجة إلى ذكر ما كان عليه صلوات الله عليه في ذلك لظهوره.

(1) القدم: السابقة في الأمر.
(2) الاحتشام: الانقباض والاستحياء.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»