الشك والشبهات فيه حاصلا لأن الرئاسة بعد الرسول صلى الله عليه وآله له انعقدت، وفيه حصلت، ولم يكن بعد استقرار إمامته من أحد خلاف ولا رغبة عنه، ثم استمرت ولايته على هذا الحد وتلاها من الولايات ما كانت كالمبنية (1) عليها، والمشيدة لها، فلا سبب يقتضي خفاء النص عليه وانكتامه لأنه إذا ارتفعت فيما يقتضي الكتمان أسباب الخوف ودواعي الرغبة والرهبة وقامت دواعي الإظهار والإشاعة، فلا بد من الظهور، وكيف يجوز أن لا يدعي النص - لو كانت له حقيقة - أبو بكر نفسه في طول ولايته، وفي حال العقد لنفسه، ويقول لمن قصد إلى أن يعقد الإمامة له ويوجبها من طريق الاختيار - لا حاجة إلى اختياركم إياي إماما وقد اختارني رسول الله صلى الله عليه وآله لكم، ورضيني للتقدم عليكم.
وكيف يجوز أن يمسك مع سلامة الحال وزوال كل سبب للخوف والتقية عما ذكرناه وفي إمساكه عن ذلك تضييع لما لزمه، وإغفال لتنبيه القوم على موضع النص عليه وأقل الأحوال أن يكون الامساك موهما لارتفاع النص وموقعا للشبهة؟.
وكيف يجوز أيضا إذا لم يدع ذلك هو لنفسه أن لا يدعيه له أحد في طول أيامه وأيام عمر التي تجري مجرى أيامه ولا يذكره ذاكر؟ ونحن نعلم يقينا أن الرؤساء وذوي السلطان والمالكين للأمر والنهي والرفع والوضع يتقرب إليهم في الأكثر بما يقتضي تعظيمهم وتبجيلهم وإن كان باطلا توضع فيهم الأخبار ويوضع لهم المدائح، وإذا كانت هذه العادة مستقرة فكيف يجوز أن يعلموا تفضيله الذي يجري مجرى النص بالإمامة فلا