مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٢
ولا يخفى أن ما أراده من معنى الفقه لا يخلو من غموض، ولعل المراد منه (علم الشريعة) كما نبه عليه الجوهري فيكون المعنى حينئذ من حفظ على أمتي أربعين حديثا فيما يحتاجون إليه في أمر دينهم وإن لم يكن فقيها عالما بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما داخلا في زمرة العلماء الفقهاء. وثوابه كثوابهم بمجرد حفظ تلك الأحاديث، وإن لم يتفقه في معانيها.
وقد تكرر في الحديث (الامر بالتفقه في دين الله) والمراد به على ما قرره بعض الشارحين: هو أن سائر الأفعال التي أوجبها الله تعالى كالوضوء، والغسل، والصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، والجهاد، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر يجب على الخلق طلب العلم بها.
وأما الأحكام الشرعية الوضعية كحكم الشك في عدد الركعات، وحكم من زاد على سجدة سهوا، وأحكام البيع، والميراث والديات، والحدود، والقصاص، والاقتضائية التي هي تحريم بعض الأفعال كحرمة الغيبة، وشرب الخمر وغير ذلك فإنما يجب طلب العلم عند الحاجة إليها.
ف ك ر في الحديث (تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة) قال فخر الدين الرازي نقلا عنه في توجيه ذلك: هو أن الفكر يوصلك إلى الله والعبادة توصلك إلى ثواب الله، والذي يوصلك إلى الله خير مما يوصلك إلى غير الله، أو أن الفكر عمل القلب والطاعة عمل الجوارح فالقلب أشرف من الجوارح، يؤكد ذلك قوله تعالى * (أقم الصلاة لذكري) * جعلت الصلاة وسيلة إلى ذكر القلب، والمقصود أن العلم أشرف من غيره - انتهى.
والتفكر: التأمل، والفكر بالكسر اسم منه، وهو لمعنيين: أحدهما القوة المودعة في مقدمة الدماغ. وثانيهما أثرها أعني ترتب أمور في الذهن يتوصل بها إلى مطلوب يكون علما أو ظنا.
وأفكر وتفكر وفكر بمعنى، يقال فكرت في الامر - من باب ضرب - وتفكرت فيه، وأفكرت بالألف.
وفي الحديث (من تفكر في ذات الله تزندق) أي من تأمل في معرفة الذات
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ض 3
2 باب ط 35
3 باب ظ 87
4 باب ع 105
5 باب غ 290
6 باب ف 351
7 باب ق 445