لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٢١٨
إذا لم يستح صنع ما شاء، لأنه لا يكون له حياء يحجزه عن المعاصي والفواحش، قال ابن الأثير: وله تأويلان: أحدهما ظاهر وهو المشهور إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار بما تفعله فافعل ما تحدثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا، ولفظه أمر ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأن الذي يردع الإنسان عن مواقعة السوء هو الحياء، فإذا انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة، والثاني أن يحمل الأمر على بابه، يقول: إذا كنت في فعلك آمنا أن تستحي منه لجريك فيه على سنن الصواب وليس من الأفعال التي يستحى منها فاصنع منها ما شئت. ابن سيده: قوله، صلى الله عليه وسلم، إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت (* قوله من كلام النبوة إذا لم تستح إلخ هكذا في الأصل).
أي من لم يستح صنع ما شاء على جهة الذم لترك الحياء، وليس يأمره بذلك ولكنه أمر بمعنى الخبر، ومعنى الحديث أنه يأمر بالحياء ويحث عليه ويعيب تركه. ورجل حيي، ذو حياء، بوزن فعيل، والأنثى بالهاء، وامرأة حيية، واستحيا الرجل واستحيت المرأة، وقوله:
وإني لأستحيي أخي أن أرى له علي من الحق، الذي لا يرى ليا معناه: آنف من ذلك. الأزهري: للعرب في هذا الحرف لغتان: يقال استحى الرجل يستحي، بياء واحدة، واستحيا فلان يستحيي، بياءين، والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قوله عز وجل: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا. وحييت منه أحيا: استحييت. وتقول في الجمع:
حيوا كما تقول خشوا. قال سيبويه: ذهبت الياء لالتقاء الساكنين لأن الواو ساكنة وحركة الياء قد زالت كما زالت في ضربوا إلى الضم، ولم تحرك الياء بالضم لثقله عليها فحذفت وضمت الياء الباقية لأجل الواو، قال أبو حزابة الوليد بن حنيفة:
وكنا حسبناهم فوارس كهمس حيوا بعدما ماتوا، من الدهر، أعصرا قال ابن بري: حييت من بنات الثلاثة، وقال بعضهم: حيوا، بالتشديد، تركه عل ما كان عليه للإدغام، قال عبيد بن الأبرص:
عيوا بأمرهمو، كما عيت ببيضتها الحمامة وقال غيره: استحياه واستحيا منه بمعنى من الحياء، ويقال:
استحيت، بياء واحدة، وأصله استحييت فأعلوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء فقالوا استحيت، كما قالوا استنعت استثقالا لما دخلت عليها الزوائد، قال سيبويه: حذفت الياء لالتقاء الساكنين لأن الياء الأولى تقلب ألفا لتحركها، قال: وإنما فعلوا ذلك حيث كثر في كلامهم. وقال المازني: لم تحذف لالتقاء الساكنين لأنها لو حذفت لذلك لردوها إذا قالوا هو يستحي، ولقالوا يستحيي كما قالوا يستنيع، قال ابن بري: قول أبي عثمان موافق لقول سيبويه، والذي حكاه عن سيبويه ليس هو قوله، وإنما هو قول الخليل لأن الخليل يرى أن استحيت أصله استحييت، فأعل إعلال استنعت، وأصله استنيعت، وذلك بأن تنقل حركة الفاء على ما قبلها وتقلب ألفا ثم تحذف لالتقاء الساكنين، وأما سيبويه فيرى أنها حذفت تخفيفا لاجتماع الياءين لا لإعلال موجب لحذفها، كما حذفت السين من أحسست حين قلت أحست، ونقلت حركتها على ما قبلها
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست