لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ١٤٤
جزيته في الخير والشر وجازيته في الشر. ويقال: هذا حسبك من فلان وجازيك بمعنى واحد. وهذا رجل جازيك من رجل أي حسبك، وأما قوله:
جزتك عني الجوازي فمعناه جزتك جوازي أفعالك المحمودة. والجوازي: معناه الجزاء، جمع الجازية مصدر على فاعلة، كقولك سمعت رواغي الإبل وثواغي الشاء، قال أبو ذؤيب:
فإن كنت تشكو من خليل مخانة، فتلك الجوازي عقبها ونصيرها أي جزيت كما فعلت، وذلك لأنه اتهمه في خليلته، قال القطامي:
وما دهري يمنيني ولكن جزتكم، يا بني جشم، الجوازي أي جزتكم جوازي حقوقكم وذمامكم ولا منة لي عليكم.
الجوهري: جزيته بما صنع جزاء وجازيته بمعنى. ويقال: جازيته فجزيته أي غلبته. التهذيب: ويقال فلان ذو جزاء وذو غناء. وقوله تعالى: جزاء سيئة بمثلها، قال ابن جني: ذهب الأخفش إلى أن الباء فيها زائدة، قال: وتقديرها عنده جزاء سيئة مثلها، وإنما استدل على هذا بقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، قال ابن جني: وهذا مذهب حسن واستدلال صحيح إلا أن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأويلين آخرين: أحدهما أن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر، كأنه قال جزاء سيئة كائن بمثلها، كما تقول إنما أنا بك أي كائن موجود بك، وذلك إذا صغرت نفسك له، ومثله قولك: توكلي عليك وإصغائي إليك وتوجهي نحوك، فتخبر عن المبتدأ بالظرف الذي فعل ذلك المصدر يتناوله نحو قولك: توكلت عليك وأصغيت إليك وتوجهت نحوك، ويدل على أن هذه الظروف في هذا ونحوه أخبار عن المصادر قبلها تقدمها عليها، ولو كانت المصادر قبلها واصلة إليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها، ومعلوم استحالة تقدم الصلة أو شئ منها على الموصول، وتقدمها نحو قولك عليك اعتمادي وإليك توجهي وبك استعانتي، قال: والوجه الآخر أن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس الجزاء، ويكون الجزاء مرتفعا بالابتداء وخبرة محذوف، كأنه جزاء سيئة بمثلها كائن أو واقع. التهذيب: والجزاء القضاء. وجزى هذا الأمر أي قضى، ومنه قوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا، يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة، فيجوز ذلك كقوله: لا تجزي نفس عن نفس شيئا، وتضمر الصفة ثم تظهرها فتقول لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا، قال: وكان الكسائي لا يجيز إضمار الصفة في الصلة. وروي عن أبي العباس إضمار الهاء والصفة واحد عند الفراء تجزي وتجزي فيه إذا كان المعنى واحدا، قال: والكسائي يضمر الهاء، والبصريون يضمرون الصفة، وقال أبو إسحق: معنى لا تجزي نفس عن نفس شيئا أي لا تجزي فيه، وقيل: لا تجزيه، وحذف في ههنا سائغ لأن في مع الظروف محذوفة. وقد تقول: أتيتك اليوم وأتيتك في اليوم، فإذا أضمرت قلت أتيتك فيه، ويجوز أن تقول أتيتكه، وأنشد:
ويوما شهدناه سليما وعامرا قليلا، سوى الطعن النهال، نوافله أراد: شهدنا فيه. قال الأزهري: ومعنى قوله لا تجزي نفس عن نفس شيئا، يعني يوم القيامة لا
(١٤٤)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الطعن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست