لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ١١٦
الأثير: وهذا ضد الأول في اللفظ ومثله في المعنى، لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد. وفي التنزيل العزيز: ألا إنهم يثنون صدورهم، قال الفراء: نزلت في بعض من كان يلقى النبي، صلى الله عليه وسلم، بما يحب وينطوي له على العداوة والبغض، فذلك الثني الإخفاء، وقال الزجاج: يثنون صدورهم أي يسرون عداوة النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال غيره: يثنون صدورهم يجنون ويطوون ما فيها ويسترونه استخفاء من الله بذلك. وروي عن ابن عباس أنه قرأ: ألا إنهم تثنوني صدورهم، قال: وهو في العربية تنثني، وهو من الفعل افعوعلت. قال أبو منصور: وأصله من ثنيت الشئ إذا حنيته وعطفته وطويته. وانثنى أي انعطف، وكذلك اثنونى على افعوعل.
واثنونى صدره على البغضاء أي انحنى وانطوى. وكل شئ عطفته فقد ثنيته.
قال: وسمعت أعرابيا يقول لراعي إبل أوردها الماء جملة فناداه: ألا واثن وجوهها عن الماء ثم أرسل منها رسلا رسلا أي قطيعا، وأراد بقوله اثن وجوهها أي اصرف وجوهها عن الماء كيلا تزدحم على الحوض فتهدمه. ويقال للفارس إذا ثنى عنق دابته عند شدة حضره: جاء ثاني العنان. ويقال للفرس نفسه: جاء سابقا ثانيا إذا جاء وقد ثنى عنقه نشاطا لأنه إذا أعيا مد عنقه، وإذا لم يجئ ولم يجهد وجاء سيره عفوا غير مجهود ثنى عنقه، ومنه قوله:
ومن يفخر بمثل أبي وجدي، يجئ قبل السوابق، وهو ثاني أي يجئ كالفرس السابق الذي قد ثنى عنقه، ويجوز أن يجعله كالفارس الذي سبق فرسه الخيل وهو مع ذلك قد ثنى من عنقه.
والاثنان: ضعف الواحد. فأما قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين، فمن التطوع المشام للتوكيد، وذلك أنه قد غني بقوله إلهين عن اثنين، وإنما فائدته التوكيد والتشديد، ونظيره قوله تعالى:
ومناة الثالثة الأخرى، أكد بقولة الأخرى، وقوله تعالى: فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة، فقد علم بقوله نفخة أنها واحدة فأكد بقوله واحدة، والمؤنث الثنتان، تاؤه مبدلة من ياء، ويدل على أنه من الياء أنه من ثنيت لأن الاثنين قد ثني أحدهما إلى صاحبه، وأصله ثني، يدلك على ذلك جمعهم إياه على أثناء بمنزلة أبناء وآخاء، فنقلوه من فعل إلى فعل كما فعلوا ذلك في بنت، وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير افتعل إلا ما حكاه سيبويه من قولهم أسنتوا، وما حكاه أبو علي من قولهم ثنتان، وقوله تعالى: فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، إنما الفائدة في قوله اثنتين بعد قوله كانتا تجردهما من معنى الصغر والكبر، وإلا فقد علم أن الألف في كانتا وغيرها من الأفعال علامة التثنية. ويقال:
فلان ثاني اثنين أي هو أحدهما، مضاف، ولا يقال هو ثان اثنين، بالتنوين، وقد تقدم مشبعا في ترجمة ثلث. وقولهم: هذا ثاني اثنين أي هو أحد اثنين، وكذلك ثالث ثلاثة مضاف إلى العشرة، ولا ينون، فإن اختلفا فأنت بالخيار، إن شئت أضفت، وإن شئت نونت وقلت هذا ثاني واحد وثان واحدا، المعنى هذا ثنى واحدا، وكذلك ثالث اثنين وثالث اثنين، والعدد منصوب ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر في الرفع والنصب والخفض إلا اثني عشر فإنك تعربه على هجاءين. قال ابن بري عند قول الجوهري والعدد منصوب ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر،
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست