ولا يتعين عليه الاخراج من عين النصاب ولو أراد الدفع من العين لم يجز الاجتزاء بأقل من نصف مثقال وأن كانت قيمته أكثر إلا من باب دفع القيمة إن جوزناه في نظائره من مثل ما لو دفع ربع دينار مسكوك بسكة يساوي قيمته قيمة نصف دينار يصح أن يقع مصداقا للفريضة الواجبة عليه في زكاة العشرين من باب دفع القيمة وستعرف في المسألة الآتية وكذا في مبحث زكاة الفطرة انه لا يخلو من إشكال فالأحوط عدم الاجتزاء فيما لو أخرج الزكاة من جنس ما تعلق به الحق بأقل مما يقع مصداقا للفريضة الواجبة عليه أي أقل من نصف مثقال من الذهب وأن كانت قيمته باعتبار سكتة أو الصنعة الحاصلة فيه أكثر بمراتب والله العالم وأما أحكامها: أي زكاة النقدين فمسائل الأولى لا اعتبار باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين في صدق الاسم وأن اختلفت القيمة والأوصاف بذلك بل يضم بعضها إلى بعض بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن بعضهم نسبة إلى الأصحاب مشعرا بالاجماع عليه لاطلاق الأدلة الغير القاصر عن شمول مثل المورد وفي الاخراج إن تطوع المالك بالأرغب ونحوه من الافراد الكاملة فقد أحسن وأنفق مما أحب والا كان له الاخراج من كل جنس بقسطه كما هو مقتضى العدل والانصاف ومشاركة الفقراء مع الأغنياء في الأموال ولا يجزيه الدفع من الأدنى لمنافاته لقاعدة الشركة ولكنك عرفت فيما سبق منع كون ما يستحقه الفقير من العين على سبيل الشركة الحقيقية فالمتجه حينئذ ما حكى عن الشيخ من أنه قال أن ذلك أي التقسيط على الأفضل فلو أخرج من الأدنى جاز لحصول الامتثال وعن العلامة في جملة من كتبه أيضا موافقته وقد تقدم لدى البحث عن كيفية تعلق الزكاة بالعين ما يوجب مزيد إذعان بذلك ولو كان الجميع من الأعلى هل يجوز أن يدفع من الأدنى من ماله الاخر وجهان من إطلاق النص ومن إمكان دعوى انصرافه إلى فريضة من نوع ما يتعلق به الزكاة وقد عرفت في زكاة الأنعام ان دعوى انصراف اطلاق الفريضة إلى ما يناسب الجنس الذي يتعلق به الزكاة ليس كل البعيد فراجع وفي المدارك بعد أن حكى عن الشيخ القول بجواز دفع الأدنى قال وأولى بالجواز ما لو أخرج الأدنى بالقيمة أي أخرج منها قدر قيمة الاعلى أو الوسط ولو اخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون مثل ان يخرج ثلث دينار جيد قيمة عن نصف دينارا دون لم يجزه لان الواجب اخراج نصف دينار من العشرين فلا يجزي الناقص عنه واحتمل العلامة في التذكرة الاجزاء اعتبارا بالقيمة وهو ضعيف انتهى وهو جيد كما سيأتي مزيد توضيح لذلك في مبحث زكاة الفطرة إن شاء الله. المسألة الثانية: الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضة الخالصة أي عن كونه مصداقا لما يقال عليه في العرف إنه فضة لا على جهة المسامحة والتغليب بل على سبيل الحقيقة عرفا وكذا الدنانير المغشوشة كذلك لا زكاة فيها حتى يبلغ خالصها النصاب بلا خلاف فيه على الظاهر لان الزكاة انما تجب في الذهب والفضة لا في غيرهما من المعادن وإذا بلغ خالصها النصاب تجب الزكاة فيه بلا خلاف في ذلك أيضا على الظاهر بل عن غير واحد نسبته إلى الأصحاب مشعرا بالاجماع عليه وربما أستشكل في هذا الحكم بان الأدلة قد دلت على وجوب الزكاة في الذهب والفضة المسكوكين دراهم ودنانير والمركب منهما أو من كل منهما مع غيره خارج عن الاسم فلا يتعلق به الزكاة بل قد يمنع صدق اسم الدراهم والدنانير حقيقة على المغشوش وفيه أن المراد بالدراهم والدنانير الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة ولو مع الغش كما يفصح عن ذلك مضافا إلى عدم الخلاف فيه وإمكان منع عدم صدق الاسم أو انصراف الذهب والفضة المسكوكين إلى الخالص منهما خبر زيد الصائغ المروي عن الكافي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها بخاري فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة وثلث مس وثلث رصاص وكانت تجوز عندهم وكنت أعملها وأنفقها قال فقال أبو عبد الله عليه السلام لا باس بذلك إذا كانت تجوز عندهم فقلت أرأيت إن حال عليها الحول وهي عندي وفيها ما تجب على فيه الزكاة أزكيها قال نعم إنما هو مالك قلت فان أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتى حال عليها الحول أزكيها قال إن كنت تعرف ان فيها من الفضة الخالصة ما تجب عليك فيه الزكاة قال فاسبكها حتى تخلص الفضة ويحترق الخبيث ثم يزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة قوله عليه السلام لسنة واحدة أي السنة التي بقيت عنده حتى حال عليها الحول قبل ان يسبكها دون ما بعدها مما جعل سبائك نعم يعتبر في تنجيز التكليف بالزكاة العلم ببلوغ الخالص نصابا فلو شك فهي نفاه بالأصل ولم يجب عليه الفحص بتصفية ونحوها على المشهور كما نسب إليهم بل في المسالك لا قائل بوجوب التصفية مع الشك في النصاب كما في غيره من الشبهات الموضوعية الوجوبية أو التحريمية ولكن قد يقال في مثل هذه الموارد التي يحصل كثيرا أما من الرجوع إلى الأصول النافية للتكليف ممن غير فحص الوقوع في مخالفة التكليف كتأخير الحج عن أول عام استطاعته عند ترك المحاسبة وتضييع حق السادة والفقراء عند ترك الفحص عن حصول الربح في تجارته وبلوغ ماله حد النصاب ويدفعه ان كون أجزاء الأصول في مجاريها موجبا لحصول المخالفة كثيرا غير مؤثرة في إيجاب الاحتياط على من لا يعلم بتنجيز التكليف عليه في خصوص المورد الذي هو محل ابتلائه واضعف من ذلك الاستدلال له بأنه ليس المراد بمثل هذه التكاليف أي الزكاة والحج و نظائرهما وجوبها لدى العلم بوجود شرائطها كي لا يجب الحج مثلا على من أحتمل في نفسها الاستطاعة أو ظنها ولم يعلم بذلك وفيه انا لا ننكر وجوب الحج عليه في الواقع على تقدير كونه مستطيعا ولكن كونه كذلك لا يكفي في تنجيزه إلزام العقل بالخروج عن عهدته ما لم يعلم بتحققه لان العلم بالتكليف شرط في تنجزه عقلا و إيجاب الاحتياط أو الفحص مع الشك فيه يحتاج إلى دليل وراء إطلاقات أدلة هذه التكاليف لدى حصول شرائطها ولتمام الكلام فيما يتعلق بالمقام مقام آخر ثم لا يخرج المغشوشة عن الجياد لان الواجب إخراج الخالص فلا يكون إخراج المغشوش مجزيا الا إذا علم باشتماله على ما يلزمه من الخالص كما هو واضح ولو ملك النصاب أي عشرين دينارا مثلا ولم يعلم هل فيه غش أم لا فعن التذكرة إنه تجب الزكاة لأصالة الصحة والسلامة أقول هذا إنما يتجه فيما إذا كان الغش الذي يحتمله عيبا في الدنانير بحيث لو ظهر لم يقع به المعاملة إلا على سبيل المسامحة واما إذا كانت من صنف الدنانير الرائجة في البلد ولكنه لم يعلم بأن هذا الصنف من الدنانير هل هي معمولة من خصوص الذهب أو انها مركبة من الذهب وغيره فليس كونها مركبة من جنسين أو أزيد منافيا لصحتها وسلامتها بعد ان كانت هي في أصل وضعها كذلك فلا مسرح حينئذ للأصلين المزبورين بل المرجع في مثله أصالة براءة الذمة عن الزكاة و لا يخفى عليك ان مورد هذا الكلام إنما هو فيما إذا كان الغش الذي
(٥٥)