دون شرائط وجوبها فهي نظير قوله عليه السلام في كل أربعين شاة شاة وفي كل ثلاثين بقرة تبيع حولي وفي أربعين بقرة مسنة وفيه أن هذا إن سلم فالنسبة إلى الروايات التي لم يقع فيها التعرض لاعتبار النصاب كما في كثير منها وأما بعض تلك الأخبار مما وقع فيه التصريح بيان موضوع الحكم واعتبار بلوغ النصاب فيه من ثمل قوله في صحيحة زرارة ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ما بلغ خمسة أوسق ففيه العشر وما كان منه يسقى بالرشاء والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر فانكار ظهوره في سببية بلوغ النصاب لثبوت العشر ونصف العشر فيما أنبتته الأرض الذي هو اسم لجميعه لا للزائد عن مؤنته مجازفة وأما حسنة أبي بصير ومحمد بن مسلم أو صحيحتهما فربما استدل بعض بها لمذهب المشهور وأما بدعوى أن المنساق من قوله فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته إرادة ما يستفيده من عمله بعد أن إندار مؤنته خصوصا على تقدير أن يكون متن الرواية بلفظ فتاجرته بدل فما حرثته كما في بعض السنخ فإنه لا يقال عرفا قد حصل في يده من زراعته أو تجارته أو صناعته كذا وكذا من الحنطة أو غيرها إلا على الفائدة التي استفادها من عمله وفيه أن هذا في غير مثل المقام الذي قيده بما بعد مقاسمته فإنه إذا قيل لاحد الشريكين في زراعته في ذلك الذي حصل في يده مما أخرجه الله من الأرض بعد مقاسمته مع الاخر كذا لا يتبادر منه إلا جميع حصته من الزراعة لا الباقي له بعد إندار مؤنته كما لا يخفى و أضعف من ذلك دعوى إن المقاسمة في العادة إنما تقع بعد إخراج المؤنة من الوسط ضرورة إن المؤنة غالبا تحصل قبل حصول الثمرة من مال الزراع أو في ذمته ودعوى كون العادة جارية بإخراجها من الحاصل قبل مقاسمته مما لا ينبغي الاصغاء إليها بل لو أدعى مدع جرى العادة على عكسه لكان أولى بالقبول حيث إن الغالب كون المنصوبين لمباشرة القسمة واستيفاء حصة السلطان على رأي سلطانهم وسلطانهم على رأي الفقهاء الذين لا يقولون باستثناء المؤنة و الحاصل إنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الدعاوى الحدسية الحاصلة من الطرفين العارية عن البينة ربما يستدل له أيضا برواية على أن شجاع النيشابوري إنه سئل أبا الحسن عليه السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مأة كر مما يزكي فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه لسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقى في يده ستون ما الذي يجب لك من ذلك وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ فوقع لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته فإنها صريحة في أخذ العشر من جميع ما حصل من الأرض وإن المؤنة خرجت بعد ذلك وهو وإن كان في كلام السائل إلا إن الإمام عليه السلام قرره على ذلك ولم ينكره وتقريره حجة وفيه إن الظاهر كون لفظ أخذ بالبناء للمجهول وكون الاخذ هو عامل السلطان الذي قد أشرنا إلى أن بنائهم بحسب الظاهر لم يكن على استثناء المؤنة فليس ترك تعرض الإمام عليه السلام لبيان حاله كاشفا عن مشروعيته فعله وصحة عمله ومما يؤيده كونه بالبناء للمجهول وكونه من فعل العامل مضافا إلى انسياقه في حد ذاته من سوق الكلام سؤاله ثانيا عن إنه هل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ فإنه مشعر بعدم جزمه بكون ما أخذه منه حيث لم يكن واصلا لأصحابه موجبا لبرائة ذمته كما لا يخفى على المتأمل واستدل له أيضا بوضع الشارع العشر فيما سقته السماء أو سقي سيحا ونصف العشر فيما سقي بالدوالي ونحوهما مما فيه مؤنة زائدة بدعوى أن هذا يكشف عن كونه المؤنة ملحوظة لدى الشارع في أصل شرع الزكاة وإن سقوط النصف عما سقى بالدوالي إلى بلحاظ مؤنته ولذا طرد في محكى الفقيه و الوسيلة والمنتهى والدروس نصف العشر إلى كل ما فيه مؤنة زائدة فلو بني على احتساب المؤنة مطلقا لم يكن في ذلك فرق بين الامرين بل كيف يحتسب مؤنة السقي الموجبة لاسقاط نصف العشر من جملة المؤنة ويخرج نصف العشر بعد إخراجها وحيث إن هذا امر مستبعد أحتمل في محكي البيان أسقاط مؤنة السقي فيما فيه نصف العشر واحتساب ما عداها من المؤن وفيه أنه لا إحاطة للعقول بمناطات الاحكام التعبدية فمن الجائز أن يكون سقوط النصف عما سقي بالدوالي وشبهها بملاحظة ما فيه من زيادة التعب وقلة الثمرة نوعا وإلا فالمؤنة المالية مما لا ضابطة لها فكثيرا ما يتوقف تحصيل الماء وتعمير الأرض فيما سقي سيحا بالنسبة إلى الأماكن البعيدة عن الماء خصوصا في السنين المجدبة على صرف مال أكثر بمراتب مما يحتاج إليه السقي بالدوالي في الأماكن القريبة من الشطوط ونحوها وإلحاق هذه الموارد بما سقي بالدلاء في إسقاط النصف بإزاء المؤنة كما حكى عن الفقيه وغيره قياس مستنبطة العلة مع وجود الفارق إذ ليس للمؤن الاتفاقية للزرع الذي يسقى سيحا حد معروف بل يختلف غاية الاختلاف فلا يصح مقايستها بما يسقى بالدوالي والحاصل أن المتبع في مثل المقام ظواهر الأدلة التعبدية فإن قلنا بدلالتها على ثبوت العشر و نصف العشر في جميع ما أنبتته الأرض فهو إلا فمقتضى الأصل براءة الذمة عن الزائد على المتيقن واستدل للقول باستثنائه المؤنة بالأصل بعد الخدشة في أدلة النافين بما تقدمت الإشارة إليه مع ما فيه وبقوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فإن عفو المال على ما عن الصحاح ما يفضل عن النفقة وفي كلمات بعض ما يفضل عن مؤنة السنة وكيف كان فما يقابل المؤنة لا يسمى عفوا جزما وبأن النصاب مشترك بين المالك والفقراء فلا يختص أحدهم بالخسارة عليه كغيره من الأموال المشتركة ومخالفته لغيره من الأموال المشتركة في غالب أحكامه لدليل لا تقتضي رفع اليد عما يقتضيه قاعدة الشركة فيما لا دليل عليه وبأن الزكاة في الغلات تجب في النماء والفائدة وهو لا يتناول المؤنة وبقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته بابن هاشم ويترك للحارس العذق والعذقان والثلاث لحفظة إياه ودعوى أخصيته من المدعي مدفوعة بعموم التعليل مع أنه لا قائل بالفرق بين مؤنة الحارس وغيره وبما عن الفقه الرضوي فعن بعض نسخه بعد خراج السلطان ومؤنة العمارة والقرية وعن بعض آخر بعد خراج السلطان ومؤنة القرية وقد أشرنا آنفا إلى أن المراد بمؤنة القرية ما له دخل في الزرع لا مؤنتها من حيث هي وفي الجميع نظر أما الأصل فمقطوع بما عرفت من ظهور الأدلة في سببية بلوغ النصاب لثبوت العشر ونصف العشر في جميع ما أنبتته الأرض وأما الآية فمفادها بعد تسليم المقدمات المزبورة استثناء مؤنة المالك لا الزرع كما هو المطلوب ودعوى استفادة استثناء مؤنة الزرع من ذلك أيضا أما لكونها داخلة في مؤنته أو بالأولوية مدفوعة أولا بأن العمل بالفحوى أو الأولوية فرع جواز العمل بأصلها وهو غير جائز إذ لم ينقل عن أحد القول باختصاص من الزكاة بفاضل المؤنة وثانيا أنه إذا زاد العشر أو نصف العشر عن نفقته فأخذ الساعي مجموع الزائد فقد أخذ العفو من ماله فلا منافاة حينئذ بينه وبين احتساب المؤنة إذا فضل بمقدار حق الفقير وأما ما قيل من أن النصاب مشترك بين المالك والفقراء فلا يختص أحدهم بالخسارة
(٦٦)