إلى المستحق في يده كالأمانة لا يضمنه إلا بتعد أو تفريط فلو تمكن من أداء الزكاة بعد إن وجبت عليه فقصر فيه ولم يؤد حتى تلفت ضمنها بخلاف ما لو لم يتمكن من ذلك حتى تلفت جميعها أو بعضها بلا تفريط وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله وكيف كان فقد ظهر مما قدمناه إنه لا تجب الزكاة في المال المغصوب لا على على غاصبه لعدم كونه ملكا له ولا على المغصوب منه لعدم كونه في يده بلا خلاف في شئ منهما على الظاهر من غير فرق بين كون المال مما يعتبر فيه الحول كالنقدين والانعام وبين كونه مما لا يعتبر فيه ذلك كالغلات وما في المدارك من الاستشكال في الأخيرة في غير محله كما عرفت وقد عرفت أيضا إن الأظهر عدم العبرة بتمكنه من استنقاذ المال من الغاصب وإثبات اليد عليه بل المدار على كونه بالفعل تحت تصرفه فما عن غير واحد من أن الزكاة إنما تسقط في المغصوب ونحوه إذا لم يمكن تخليصه ولو بدفع بعضه فتجب حينئذ فيما زاد على الفداء ضعيف وكذا لا تجب الزكاة في المال الغائب الخارج عن تحت سلطنته واختياره إذا لم يكن في يد وكيله أو وليه بلا خلاف فيه على الظاهر للنصوص المستفيضة المتقدمة وإنما ذكر الولي ليندرج في هذا الحكم مال الطفل والمجنون إن قلنا بثبوت الزكاة فيه وجوبا وإستحبابا كما نبه عليه في المدارك ثم قال ما لفظه ولا يعتبر في وجوب الزكاة في الغائب كونه بيد الوكيل كما قد يوهمه ظاهر العبارة بل إنما تسقط الزكاة فيه إذا لم يكن مالكه متمكنا منه كما يقتضيه ظاهر التفريع ودلت عليه الأخبار المتقدمة وصرح به جماعة منهم المصنف في النافع حيث قال فلا تجب في المال الغائب إذا لم يكن صاحبه متمكنا منه ونحوه قال في المعتبر فإنه قال بعد أن أشترط التمكن من التصرف فلا تجب في المغصوب ولا في المال الضايع ولا في الموروث عن غائب حتى يصل إلى المالك أو وكيله ولا فيما يسقط في البحر حتى يعود إلى مالكه فيستقبل به الحول وقال الشيخ (ره) في النهاية ولا زكاة على مال غائب إلا إذا كان صاحبه متمكنا منه أي وقت شاء فإذا كان متمكنا منه لزمته الزكاة ونحوه قال في الخلاف وبالجملة فعبارات الأصحاب ناطقة بوجوب الزكاة في المال الغائب إذا كان صاحبه متمكنا إنتهى ما في المدارك وهو جيد فالمدار حينئذ على كونه تمام الحول تحت سلطنة المالك واختياره حقيقة أو حكما كما لو دفن ماله في مكان وسافر إلى بلد بعيد فإنه بعد أن بعد من بلده مسافة شهر أو شهرين مثلا لا يتمكن من التصرف فيه بالفعل ولكن كونه كذلك مستند إلى اختياره فلا يخرج المال بذلك عن كونه تحت تصرفه واختياره فهو بحكم ما لو كان بالفعل عنده وفي يده وكذا ما لو كان عند وكيله ولكن هذا فيما إذا كان وكيلا عنه في إبقاء المال عنده كما في الودعي أو على الاطلاق بحيث يكون مختارا من قبل المالك في أن يتصرف في المال أو يتركه حتى يحول عليه الحول وأما إذا كان وكيلا عنه في صرفه إلى مصرف خاص كما لو وكله في قبض أمواله وصرفه إلى غرمائه أو في بناء مسجد مثلا ثم سافر إلى أن انقطع يده عن الوكيل ولم يتمكن الوكيل من صرفه إلى ذلك المصرف فبقي المال عنده قهرا حتى حال عليه الحول فيشكل حينئذ تعلق الزكاة به فإن هذا النحو من البقاء عند الوكيل الغائب ليس بمنزلة المال الذي وصل إليه وبقى عنده وفي يده حتى حال عليه الحول لا حقيقة ولا حكما خصوصا فيما لو اطلع المالك على حاله وأراد صرفه إلى مصرف آخر ولم يتمكن عنه لغيبته فالقول بعدم تعلق الزكاة به حينئذ لا يخلو من قوة كما ربما يؤيده بل يشهد له النصوص الآتية الواردة في مال تركه لنفقة عياله الدالة على أنه إن كان حاضرا فعليه زكاته وإن كان غائبا فلا زكاة عليه وكذا لا تجب الزكاة في الرهن على الأشبه لتعلق حق الغير به الموجب لنقص ملكيته وعدم جواز التصرف فيه وقد عرفت في صدر المبحث إن هذا النحو من النقص مانع عن تعلق الزكاة خلافا لما عن الشيخ (ره) في موضع من المبسوط من أنه قال لو رهن النصاب قبل الحول فحال الحول وهو رهن وجبت الزكاة فإن كان موسرا كلف إخراج الزكاة وإن كان معسرا تعلق بالمال حق الفقراء يؤخذ منه لان حق المرتهن في الذمة ولكن حكى عن موضع آخر منه موافقة المشهور فقال لو أستقرض ألفا ورهن ألفا لزمه زكاة الألف القرض دون الرهن لعدم التمكن من التصرف في الرهن وعنه في الخلاف قال لو كان له ألف واستقرض ألفا غيرها ورهن هذه عند المقرض فإنه يلزمه زكاة الألف التي في يده إذا حال الحول دون الألف التي هي رهن ثم استدل بأن المال الغائب الذي لا يتمكن منه مالكه لا يلزمه زكاته والرهن لا يتمكن منه ثم قال ولو قلنا أنه يلزم المستقرض زكاة الألفين كان قويا لان الألف القرض لا خلاف بين الطايفة أنه يلزمه زكاتها والألف المرهونة هو قادر على التصرف فيه بأن يفك رهنها والمال الغائب إذا كان متمكنا منه يلزمه زكاته بلا خلاف إنتهى وحكى عن ظاهر الشهيدين وجملة ممن تأخر عنهما القول بتعلق الزكاة بالرهن إذا تمكن من فكه كما هو مورد كلام الشيخ معللا بصدق التمكن من التصرف فيه وفيه أن القدرة على فك الرهن لا يخرج الرهن ما دام كونه رهنا عن كونه متعلقا لحق مانع عن التصرف فيه وقد عرفت أنه مثله مانع عن تعلق الزكاة به فالأقوى عدم تعلق الزكاة به مطلقا سواء تمكن من فكه أم لا كما هو ظاهر بعض وصريح بعض آخر وكذا لا تجب الزكاة في الوقف بلا خلاف فيه على الظاهر ولا إشكال لا لمجرد عدم التمكن من التصرف في عينه وكونه متعلقا لحق الغير بل لنقص ملكيته بالذات وكونها منتزعة من قصره منفعته على الموقوف من غير أن يكون له حق في التصرف في عينه ومثله خارج عن منصرف أدلة الزكاة جزما نعم لو كان وقفا خاصا لكان في نمائه إذا بلغ نصيب الموقوف عليه النصاب الزكاة لان نماء الوقف ليس بوقف بل هو ملك طلق للموقوف عليه فيجري عليه أحكامه وكذا لا تجب الزكاة في الحيوان الضال ولا في المال المفقود كما ظهر فيما مر وفي المسالك قال ويعتبر في مدة الضلال والفقد أطلاق الاسم فلو حصل لحظة أو يوما في الحول لم ينقطع إنتهى وهو جيد كما أعترف به في المدارك إذ المدار على انقطاع يده عن ماله عرفا ولا يتحقق ذلك بمجرد الضلال والفقد ما لم يطل مدته بمقدار يعتد به فإن من شردت دابته مثلا أو نسي الموضع الذي دفن فيه ماله لا يحصل بمجرد صدق اسم الضياع والخروج عن اليد ما لم يستقر ذلك ويرجو عثوره عليه ومن هنا قد يفرق بينه وبين المغصوب حيث إن الغاصب إذا كانت يده قاهرة كالعدو الذي ينهب أمواله أو قاطع الطريق الذي ينزع ثيابه فإنه بمجرد استيلائه على المال ينقطع سلطنة المالك عنه عرفا ويضعف ملكيته كما هو واضح فإن مضى عليه سنون وعاد زكاه لسنة واحدة استحبابا في المدارك قال هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا وأسنده العلامة في المنتهى إلى علمائنا موذنا بدعوى
(١٥)