جعل الأربعمأة نصابا كليا وأنه أي فرق بين ذلك وبين ما لو أهمل الأربعمأة وقال فإذا بلغت ثلاثمأة وواحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ خمسمأة فإذا تمت خمسمأة كان على كل مأة شاة فشئ من الجوابين المذكورين لا يجدي في رفع هذا السؤال وقد أشار المصنف (ره) إلى الجواب عنه بقوله وتظهر الفائدة في الوجوب أي محل الوجوب وفي الضمان أما الأول فإنه إذا كانت أربعمأة فمحل الوجوب مجموعها إذ المجموع نصاب ومحل الوجوب النصاب ولو نقصت عن الأربعمأة ولو واحدة كان محل الوجوب الثلاثمأة و واحدة والزائد عفو ويتفرع على هذا جواز تصرف المالك فيه قبل إخراج حق الفقير بناء على المنع عنه قبل الاخراج إلا مع الضمان كما هو المصرح به في كلماتهم فإن هذا إنما هو فيما يتعلق به الوجوب دون العفو كما هو صريح بعض وسيأتي تحقيقه إن شاء الله وأما الثاني أي الضمان فهو أيضا متفرع على محل الوجوب فلو تلف من أربعمائة واحدة بعد الحول بغير تفريط سقط من الوجوب جزء من مأة جزء من شاة وإن شئت قلت أربعة أجزاء شاة من أربعمأة جزء ولو كانت ناقصة من أربعمأة ولو واحدة وتلف منها شئ ما دامت الثلاثمأة باقية لم يسقط من الفريضة شئ وكذلك الكلام على القول الآخر بالنسبة إلى الثلاثمائة وواحدة والمأتين وواحدة ولكن على هذا القول يتأتي الكلام في أن الواحدة الزائد على الثلاثمأة هل هو شرط الوجوب أو جزء الواجب فإن فيه الوجهين المتقدمين في الواحدة الزائدة على المأة والعشرين في نصاب الإبل فعلى القول بالشرطية لا يترتب على تلفه نقص في الواجب بخلاف الجزئية وفي المدارك بعد شرح عبارة المتن قال ما لفظه لكن يمكن المناقشة في عدم سقوط شئ من الفريضة في صورة النقص عن الأربعمأة لان مقتضى الإشاعة توزيع التالف على الحقين وإن كان الزائد على النصاب عفوا إذ لا منافاة بينهما كما لا يخفى على المتأمل إنتهى وتبعه في هذه المناقشة بعض من تأخر عنه وملخص هذه المناقشة أن الزكاة تتعلق بالعين فهي حصة متاعه في مجموع هذا الغنم فكون الزائد عفوا معناه عدم كونه مؤثرا في إيجاب شئ زائدا على ما يوجبه النصاب لا كونه ممتازا عما تعلق به حق الفقير وأجاب عنها في الحدائق بأنه إن أريد بتعلق الزكاة بالعين تعلقها بالمجموع المشتمل على النصاب والزائد الذي هو عفو فهو ممنوع وإن أأيد بعين النصاب فيكون حقا شايعا في مجموع النصاب فهو مسلم لكن لا يلزم منه ما ذكروه ثم أطال الكلام في إيضاحه بما لا يهمنا نقله وقد يتخيل إن ما ذكره في الجواب كلام صوري لا يكاد يرجع إلى محصل نظرا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من إنه ليس للنصاب وجود ممتاز عما عداه كي يكون حصة الفقراء شايعة في خصوصه بل كل فرد من أفراد هذا المجموع إذا لوحظ منضما إلى ما عداه مما يكمل به العدد البالغ حد النصاب يقع مصداقا له فنسبة حق الفقير إلى جميع هذه الغنم على حد سواء فهو يستحق من مجموع هذه الغنم أربع شياه وإن كان المقتضى لايجابه في المجموع اشتماله على النصاب ويدفعه إن إشاعة حق الفقير في عين النصاب دون العفو لا تتوقف على تشخص النصاب وتميزه عما زاد عليه في الخارج بل على تحققه في الواقع فلو باع زيدا مثلا صاع من صبره وشرط عليه أن يكون ربعه لعمرو فقد جعل لعمرو في هذه الصبرة ربعا مشاعا من صاع كلي مملوك لزيد متصادق على أي صاع فرض من هذه الصبرة فبقاء ملك عمرو الذي هو ربع مشاع من الصاع لذي ملكه زيد تابع لبقاء ملك زيد الذي هو صاع من هذه الصبة على سبيل الكلية بحيث لا يرد على نقض بتلف شئ من الصبرة ما دام بقاء صاع منها كما تقرر في مسألة بيع الصاع من الصبرة فإن أردت مثالا مطابقا لما نحن فيه فهو فيما لو نرد أنه إن رزقه الله عشرين شاة لا بشرط عدم الزيادة وبقيت عنده سنة فنصفها صدقة لأرحامه فرزقه الله تعالى ثلاثين وبقيت الثلاثون عنده إلى سنة فقد تحقق موضوع نذره وصار نصف العشرين الموجود في ضمن هذا المجموع بعنوانه الاجمالي ملكا لأرحامه فما دامت الثلاثون باقية عنده ليس للعشرين الذي تعلق النذر بصدقة بعضه تشخص يمتاز به عما زاد عليه بل كل فرد من أفراد هذه الغنم الموجودة عنده إذا أنضم إلى ما عداه مما يكمل به هذا العدد يقع مصداقا له كما فيما نحن فيه فلو تلف منها شئ قبل تعلق الوجوب أم بعده ما لم ينقص العدد عن العشرين لا يرد نقص على ما ثبت للأرحام بالنذر فلو تلف منها عشرة وبقيت عشرون تعين الحق فيه ولم ينقص منه فإنه يصدق على ما بقي إن هذه العشرين غنما قد ملكها في أول السنة وبقيت عنده سنة فصار نصفها للأرحام بمقتضى نذره فكذلك الكلام فيما نحن فيه ثم لا يخفى عليك أن ما ذكرناه كله مبني على تعلق الزكاة بالعين لا بالذمة وكون الفريضة شايعة في النصاب شياع الكسر في العدد التام لا شياع الفرد المنتشر في أفراد الكلي وإلا فلا وجه لسقوط شئ من الفريضة بتلف شئ من النصاب على تأمل في الأخير كما سيتضح لك وجهه عند التكلم في تعلق الزكاة بالعين فليتأمل والفريضة تجب في كل مصاب من نصب هذه الأجناس وما بين النصابين لا يجب فيه شئ كما هو ظاهر النصوص المزبورة وكلمات الأصحاب أو صريحها وقد عرفت أنفا أنه أمر معقول وليس فيه منافاة لما يقتضيه قواعد الشركة بعد مساعدة الدليل نعم قد يظهر من مثل قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن قيس فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومأة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المأتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة إن بلوغ النصاب سبب لثبوت الفريضة في الغنم البالغ هذا الحد فما زاد حتى تبلغ النصاب الاخر وكذا قوله عليه السلام وفيها مثل ذلك الواردة في صحيحة الفضلاء في كل عدد ينتقل منه بزيادة واحدة عليه إلى نصاب أخر من نصب الغنم كالعشرين ومأة والمأتين والثلاثمائة فإن ظاهره كون مجموع هذه الاعداد مورد للفريضة التي هي مثل الفريضة الثابتة بالنصب السابقة ولكن قد ينافي في هذا الظاهر ما في نفس هذه الصحيحة فضلا عن غيرها من التصريح عند ذكر فريضة كل نصاب ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ النصاب الاخر فإن ظاهر هذه العبارة كون ما بين النصابين خارجا عن محل الوجوب ويؤكد ذلك ما ورد فيها بعد بيان كل من نصب الإبل والبقر وليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ وبعد بيان نصب الغنم أيضا قال وليس على ما دون المأة بعد ذلك شئ وليس في النيف شئ وارتكاب التأويل في هذه الفقرات بحملها على ما لا ينافي الأول ممكن ولكن العكس أقرب مع اعتضاده بفتوى الأصحاب وإرسالهم له إرسال المسلمات وقد جرت العادة أي عادة الفقهاء بتسمية ما لا تتعلق به الفريضة من الإبل شنقا ولا البقر وقصا ومن الغنم عفوا ومعناه في الكل واحد فإنه أريد بالجميع ما لا تتعلق به الفريضة مما قبل النصاب وما بين النصابين وفي المدارك قال في شرح العبارة هذه العادة من مصطلحات الفقهاء والمستفاد من كلام أهل اللغة أن الشنق بفتح الشين المعجمة و النون والوقص بفتح الواو لفظان مترادفان قال في القاموس الشنق محركة ما بين الفريضتين في الزكاة ففي الغنم ما بين الأربعين والمأة وعشرين وقس في غيرها و قال أيضا الوقص بالتحريك واحد الأوقاص في الصدقة وهو ما بين الفريضتين ونحوه قال الجوهري في الصحاح وقال ابن أثير في النهاية الشنق
(٢٦)