معين من غير أن يحدث في متعلقه حق للغير قابل للتدارك أو يجب قضائه تعبدا كما هو المفروض أو الامر بشراء دار لنفسه مثلا بهذه الدراهم المكنوزة عنده فيما لو نذر أن يشتري في هذا اليوم لنفسه دارا بها موجبا لانقطاع الحول لا يخلو من تأمل فإنه ليس إلا كوجوب صرف الدينار والدرهم المكنوز عنده البالغ حد النصاب في أثناء الحول وقتا ما في وفاء دينه أو نفقة عياله مع أنه لا ينبغي استشكال في عدم كون مثله موجبا لانقطاع الحول ولا مانعا عن تعلق الزكاة بذلك المال عند مخالفته لذلك الواجب لان هذا لا يجوب نقصا في ملكيته عرفا كي لا يتناوله عمومات أدلة الزكاة و هذا بخلاف ما لو تعلق نذر مطلق أو قلنا بوجوب قضاء الموقت بعد خروج وقته فإنه يخرج بذلك عن تحت اختياره شرعا وعرفا فهو حينئذ بحكم غير المملوك في كونه خارجا عن منصرف العمومات وأما ما ستعرفه من اشتراط التمكن من التصرف في النصاب في تمام الحول فهو غير مناف لما ذكر لان التمكن من التصرف الذي يستفاد اعتباره من الأدلة الآتية إنما هو كون المال تحت يده بحيث يكون ترك التصرف فيه مستندا إلى اختياره في مقابل المال الغائب والمغصوب أو المرهون الذي تعلق به حق الغير المانع له عن التصرف فيه رأسا فلا ينافي ذلك وجوب صرفه في أثناء الحول إلى مصرف معين فإنه إذا لم يصرفه في ذلك المصرف ولا في غيره حتى مضى عليه الحول يصدق عليه أنه شئ مملوك له كان متمكنا من التصرف فيه في تمام هذه السنة ولم يتصرف والحاصل أن استفادة اعتبار التمكن من جميع التصرفات في النصاب في جميع الحول بمعنى جوازها له شرعا بحيث ينافيه التكليف بصرفه وقتا ما في أثناء الحول إلى مصرف خاص من الأداء في غاية الاشكال فليتأمل وإن كان الوقت بعد تمام الحول فالظاهر كونه كالنذر المطلق مانعا عن تعلق الزكاة به سواء قلنا بوجوب القضاء أم لم نقل وسواء تعلق النذر بمجموع النصاب أو ببعضه لصيرورته بواسطة النذر ممنوعا عن التصرف فيه شرعا مقدمة للوفاء بنذره الذي هو واجب مطلق وهو كالمانع العقلي مانع عن تعلق الزكاة به وسيأتي لذلك مزيد توضيح إنشاء الله وتوهم عدم وجوب مقدمة الواجب الموقت إلا بعد حضور وقته فلا يصلح النذر في مثل الفرض مانعا عن وجوب الزكاة مع ضعفه في حد ذاته كما حققناه في أول كتاب الطهارة مدفوع بأن هذا إن سلم ففي غير النذر وأما النذر فلا مجال للارتياب في أن زمان تعلق التكليف بإيجاد المنذور في وقته إنما هو وقت حدوث سببه الذي هو إنشاء صيغة النذر لا زمان حضور الفعل كما يشهد بذلك العرف والعقل وأما النذر المشروط بشرط فإن كان الشرط متيقن الحصول فحكمه حكم الموقت في جميع ما عرفت وإن كان محتمل الحصول كما لو نذر أن يتصدق بجميع النصاب أو بعضه على تقدير وقوع أمر فإن كان وقوع ذلك الامر فعلا اختياريا له كدخول دار مثلا فلا شبهة في عدم كونه قاطعا للحول ولا مانعا عن وجوب الزكاة عند حول الحول لعدم خروج النصاب بمثل هذا النذر عن ملكه و لا عن تحت اختياره وكذا لو جعل نذره معلقا على بقاء النصاب في ملكه إلى حين حصول شرط أو حضور وقت بحيث يكون بقاء الملك إلى ذلك الحين من قبيل المقدمات الوجوبية للواجبات المشروطة إذ لا يخرج الملك بمثل هذا النذر أيضا عن تحت اختياره وأما إذا لم يكن الشرط اختياريا له ولا بقائه في ملكه شرطا للوجوب بل مقدمة للواجب فقد يقال بانقطاع الحول بذلك كالموقت لوجوب حفظ هذا المال وترك التصرف فيه مقدمة للوفاء بالنذر الذي تنجز التكليف به من حين إنشاء صيغته ولكن يتوجه عليه إن الذي وجب بالنذر هو التصدق بهذا المال المعين على تقدير حصول الشرط وهذا هو المراد بالوفاء الذي وجب عليه بالنذر فحاله حال ساير المقدمات الوجودية للواجبات المشروطة على ما حققناه في المبحث المشار إليه من تعلق التكليف بها من حين إنشاء الطلب لا بعد حصول الشرط ولكن لا يتنجز التكليف بها إلا بعد أحراز تحقق الشرط في وقته وإلا فينتفي وجوب مقدماته بالأصل حسبما فصلناه في محله فهكذا الكلام هاهنا ويمكن دفعه بأنه إذا وعد مثلا لزيد أن يدفع هذا المال إليه أن أتاه غدا في داره لزمه عقلا إذا كان عازما على إنجاز وعده إبقاء ذلك المال وعدم تعجيز نفسه عن دفعه إلى زيد على تقدير مجيئه إليه إذ العزم على دفع هذا المال لزيد على تقدير مجيئه ينافي إتلافه أو جعل نفسه عاجزا عن ذلك وهكذا الكلام فيما لو ألتزم به بنذر أو عهد وشبههما فإن إتلاف ما تعلق به النذر ينافي التزامه بصرفه إلى المصرف الذي ألتزم به كما هو حقيقة النذر ولا معنى لامر الشارع بالوفاء به إلا إمضاء عمله وإيجاب الجري على حسب ما يقتضيه هذا الالتزام من حفظ قدرته على إنجاز ما ألتزم به وعدم تعجيز نفسه عن فعل ما ألتزم به على تقدير تحقق شرطه كما لا يخفى على المتأمل والتمكن من التصرف في النصاب معتبر في الأجناس كلها على ما صرح به في المتن وغيره بل في المدارك هذا الشرط مقطوع به فلا كلام الأصحاب بل في الحدائق هو مما لا خلاف فيه فيما أعلم فلا تجب الزكاة في المغصوب ولا الغائب الذي ليس في يد وكيله و نحو ذلك بل عن التذكرة بعد أن ذكر اعتبار عدم المنع من التصرف قال فلا تجب في المغصوب ولا الضال ولا المجحود بغير بينة ولا المسروق ولا المدفون مع جهل موضعه عند علمائنا أجمع بل قال شيخنا المرتضى (ره) التمكن من التصرف شرط في وجوب الزكاة إجماعا محققا في الجملة ومستفيضا إنتهى واستدل عليه بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام الرجل تكون له الوديعة والدين فلا يصل إليهما ثم يأخذهما متى يجب عليه الزكاة قال إذا أخذهما ثم يحول عليه الحول يزكي وموثقة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام إنه قال في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه قال فلا زكاة عليه حتى يخرج فإذا خرج زكاه لعام واحد وإن كان يدعه متعمدا وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر من السنين وخبر سدير الصيرفي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في رجل كان له مال فأنطلق به فدفنه في موضع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظن أن المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ثم أنه احتفر الموضع من جوانبه كله فوقع على المال بعينه كيف يزكيه قال يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه وإن كان أحتسبه وموثق إسحاق بن عمار قال سئلت أبا إبراهيم عن الرجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري أين هو ومات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه قال يعزل حتى يجيئ قلت فعلى ماله زكاة قال لا حتى يجيئ
(١١)