قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به فالربح لليتيم وإن وضع فعلى الذي يتجر به وخبر أحمد بن عمر بن أبي شعبة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام إنه سئل عن مال اليتيم فقال لا زكاة عليه إلا أن يعمل به وهذه الأخبار وظاهرها العبارة المحكية عن المقنعة الوجوب ولكن المتعين أما حملها على التقية أو الاستحباب لا لمجرد أعراض الأصحاب عن ظاهرها حيث لم ينقل القول به إلا عن ظاهر المفيد في عبارته المتقدمة بل لمعارضتها بالروايات الآتية في مبحث زكاة مال التجارة الصريحة في نفي الوجوب وهذه الأخبار وإن كان موردها أخص من مطلق مال التجارة ولكن قد ورد مثل هذه الأخبار أخبار كثيرة في مطلق مال التجارة وفي خصوص تجارة البالغين أيضا مما كان ظاهره الوجوب فليس حال هذه الأخبار إلا حال غيرها من الرويات الواردة في هذا الباب مما كان ظاهره الوجوب فلا بد في الجميع بينها وبين تلك الأخبار إلا بحمل ما كان ظاهره الوجوب على تأكد الاستحباب أو الحمل على التقية وهذا وإن كان في حد ذاته من أبعد المحامل الذي لا يصار إليه مع إمكان الجمع بين الاخبار بوجه آخر لكونه لدى التحقيق عبارة أخرى عن الطرح ولكن قد يقر به في خصوص المقام ما في بعض الروايات الواردة في الباب من الإشارة إلى إن القول بثبوت هذا القسم من الزكاة هو مذهب المخالفين ولكن مع ذلك الحمل على الاستحباب أظهر فإن صدور هذه الأخبار المتضافرة المتكاثرة البالغة فوق حد التواتر لاظهار خلاف الواقع مع مخالفتها للاحتياط خصوصا في مال اليتيم من غير سبق سؤال ملجئ لاظهار خلاف الواقع كما هو الغالب في مواردها في غاية البعد نعم لا يبعد أن يكون التعبير بلفظ الوجوب أو بصيغة الامر الظاهرة في ذلك من غير تصريح بجواز مخالفته مراعاة للتقية ومن هنا قد يقال إن حمل هذه الأخبار الدالة بظاهرها على الوجوب على التقية كما نسب إلى الشيخ ليس منافيا لاستفادة الاستحباب منها فليتأمل وقد ظهر مما ذكر ضعف القول بنفي مشروعيتها مطلقا والله العالم وإن ضمنه الولي باقتراض ونحوه واتجر لنفسه وكان مليا كان الربح له ويستحب له الزكاة التي ستعرف استحبابها في مطلق ماله الذي يتجر به بلا خلاف في ذلك كما ذكره غير واحد ولا إشكال بعد فرض جواز اقتراض الولي الملي مال الطفل وهو على إطلاقه لا يخلو من إشكال كما صرح به غير واحد من المتأخرين ولكن أدعى شيخنا المرتضى (ره) إن المعروف بين الأصحاب جوازه وإن لم يكن فيه مصلحة لليتيم للاخبار الكثيرة منها صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل ولي مال يتيم أيستقرض منه قال كان علي بن الحسين (ع) يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره ورواية أبي الربيع قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل ولي مال يتيم فأستقرض منه شيئا فقال إن علي بن الحسين (ع) قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك ورواية منصور الصيقل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به قال إذا كان عندك مال وضمنته فلك الربح وأنت ضامن من للمال وإن كان لا مال لك وعملت به فالربح للغلام وأنت ضامن للمال ورواية البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون في يده مال للأيتام فيحتاج إليه فيمد يده ويأخذه وينوي أن يرده فقال لا ينبغي له أن يأكل إلا القصد ولا يسرف فإن كان في نيته أن لا يرده فهو بالمنزل الذي قال الله تعالى الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية خلافا للمحكى عن الحلي فقال لا يجوز للولي التصرف في مال الطفل إلا بما يكون فيه صلاح المال ويعود نفعه إلى الطفل دون المتصرف فيه وهذا هو الذي يقتضيه أصول المذهب وعن المبسوط قال ومن يلي أمر الصغير والمجنون خمسة الأب والجد ووصي الأب والجد والامام ومن يأمره الامام ثم قال في كل هؤلاء الخمسة لا يصح تصرفهم إلا على وجه الاحتياط والحظ للصغير لأنهم إنما نصبوا لذلك فإذا تصرف فيه على وجه لاحظ فيه كان باطلا لأنه خلاف ما نصب إليه إنتهى وقال شيخنا المرتضى (ره) بعد أن أورد الاخبار المزبورة ثم نقل العبارة المحكية عن الحلي والشيخ في المبسوط ما لفظه ويؤيد ذلك إن نقل المال إلى الذمم معرض للتلف بالاعسار أو الانكار أو الموت أو غير ذلك مما يغلب على الاحتمالات القائمة في صورة بقاء العين ولذا يظهر من المسالك في باب الرهن التردد في جواز اقتراض الولي مال الطفل وعن التذكرة اشتراط جواز الاقتراض بالمصلحة مضافا إلى الولاية والملائة وكيف كان فالقول بالمنع وإلحاق اقتراض الولي لنفسه بإقراضه لغيره الذي اتفقوا ظاهرا على أنه لا يجوز إلا مع المصلحة قوى إلا أن العمل بتلك الأخبار المجوزة المنجبرة بما حكى للعلة أقوى إنتهى وهو جيد ومما يؤيده الجواز أيضا بعض الأخبار الآتية وغيرها مما يدل على أكل طعامهم وإعطاء عوضه وجواز المخالطة والمعاشرة معهم بالتصرف في أموالهم على وجه لا يترتب عليه مفسدة كما يشعر بذلك ما في بعض الأخبار من الاستشهاد بقوله تعالى وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ومع ذلك كله فالأحوط ترك الاقتراض بلا مراعاة مصلحة اليتيم ولو بملاحظة وقوعه عوض ما يستحقه من الأجرة بالقيام بمصالحه وحفظ أمواله وإن كان الأظهر بالنظر إلى ما جوازه للولي إذا كان مليا ولم يترتب عليه ضرر وعلى اليتيم وأما مع عدم الملائة فلا يجوز لأنه في معرض المخاطرة وإن كان الولي حال الاقتراض واثقا من نفسه بالأداء وعازما على الوفاء ولو ببيع داره مثلا فإن هذا لا يخرجه عن كونه من حيث هو تغريرا بالمال إذ فقد يبدو له أن لا يبيع مستثنيات الدين ويدل عليه مضافا إلى ذلك خبر سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته فقلت أخي أمرني أن أسئلك عن مال يتيم في حجره يتجر به قال إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف أو أصابه شئ غرمه وإلا فلا يتعرض لمال اليتيم و صحيح ربعي عنه أيضا في رجل عنده مال اليتيم فقال إن كان محتاجا ليس له مال فلا يمس ماله وإن هو اتجر فالربح لليتيم وهو ضامن وخبر منصور الصقيل المتقدم والمراد بالملائة أن يكون واجدا لمقدار من المال يتمكن معه من وفاء دينه على تقدير تلف المال الذي استقرضه من اليتيم وأدنى ما به يتحقق ذلك أن يكون له مال محفوظ عنده غير محتاج إلى صرفه في مؤنته باقيا عنده ما دام كونه مديونا لليتيم محيطا بمال اليتيم إن تلف كما نبه عليه في خبر سالم المتقدم فما عن بعض من تفسير الملائة بأن يكون له مقدار الدين زائدا عن المستثنيات في الدين وقوت يومه وليلته لا يخلو من مناقشة لان هذا المقدار من المال هو بحد ذاته في معرض الزوال شيئا فشيئا فلا يبقى معه التمكن من الوفاء مهما أراد فليتأمل وهل يكفي تمكنه من الوفاء لا من حيث الملائة بل من حيث الوجاهة والاعتبار أو تمكنه من تحصيل الحقوق ونحوها وجهان أظهرهما العدم لخروجه عن مورد النص والفتوى مع عدم كون مثل هذا التمكن مجديا في خروج
(٤)