قلت فإذا هو جاء يزكيه قال لا حتى يحول عليه الحول في يده و موثقه الاخر عنه أيضا قال سئلته عن رجل ورث ما لا والرجل غائب هل عليه زكاة قال لا حتى يقدم قلت أيزكيه حين يقدم قال لا حتى يحول الحول وهو عنده ويدل عليه أيضا خبر عبد الله بن سنان المتقدم سابقا في زكاة مال المملوك المشتمل على تعليل نفيها عن السيد بعدم الوصول إليه والمستفيضة الآتية الدالة على أن كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه أقول: أما دلالة الاخبار المزبورة على اعتبار هذا الشرط في الجملة مما لا خفاء فيه ولكن الاشكال يقع في مواضع الأول: في تشخيص مقدار التمكن من التصرف والذي يظهر بالتدبر في كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكية بقرينة التفريعات الواقعة في كلماتهم أن مرادهم بذكر هذا الشرط الاحتراز عن مثل المسروق والمجحود والمدفون والغائب و نحوها فلا يتوجه عليهم الاشكال بأنه إن أريد التمكن من جميع التصرفات فلا ريب في انتفاض ذلك بما إذا لم يقدر على تصرف خاص لأجل التزام شرعي كنذر عدم البيع أو قهر قاهر كإكراهه على عدم البيع بالخصوص بل ومثل التصرف في زمان خيار البايع على القول بأنه لا يمنع من الزكاة وإن أريد التمكن من التصرف في الجملة فأكثر ما مثلوا به لغير المتمكن منه يدخل فإن المغصوب يمكن نقله إلى الغاصب بل إلى غيره في الجملة وكذا الغائب و المرهون بل والموقوف قال شيخنا المرتضى (ره) بعد أن ذكر الاستشكال المزبور والتحقيق أن يقال إن المراد بالتمكن من التصرف في معاقد الاجماعات والذي يظهر اعتباره من النصوص هو كون المال بحيث يتمكن صاحبه عقلا وشرعا من التصرف فيه على وجه الاقباض والتسليم والدفع إلى الغير بحيث يكون من شأنه بعد حول الحول أن يكلف بدفع حصته منه إلى المستحقين فان قوله (ع) في الصحيح إلى إسحاق بن عمار في المال الموروث لغائب إنه لا يجب عليه حتى يحول عليه الحول في يده أو وهو عنده وقوله (ع) أيما رجل كان له مال موضوع وحال عليه الحول فإنه يزكيه وقوله في حسنة زرارة في مال القرض إن زكاته إذا كانت موضوعة عنده حولا على المقترض ونحو ذلك يدل على تعلق الوجوب إذا حال الحول على المال في يده وعنده من غير مدخلية شئ في الوجوب ولا يكون ذلك إلا إذا كان المال في تمام الحول بحيث يتمكن من الاخراج لان هذا التمكن شرط في آخر الحول الذي هو أول وقت الوجوب قطعا لو لم يكن معتبرا في تمامه لزم توقف الوجوب مضافا إلى كونه في يده تمام الحول إلى شئ آخر والحاصل أن الشارع جعل مجرد حلول الحول على المال في يد المالك بمعنى أن يكون في يده تمام الحول علة مستقلة لوجوب الزكاة فإن كان المراد من كونه في يده هو ما ذكرنا من تسلطه على التصرف في العين بالدفع والاقباض ثبت المطلوب وهو اعتبار كونه كذلك تمام الحول وإن كان المراد منه ما دون ذلك أعني التسلط في الجملة ولو لم يكن مسلطا على الدفع والاقباض لزم توقف الوجوب بعد حلول الحول على المال في يده إلى شئ آخر وهو كون المال بحيث يتمكن من دفع بعضه إلى المستحق ويلزم منه عدم استقلال ما فرضناه مستقلا في العلية إنتهى أقول أما دعوى أن مراد الأصحاب من التمكن من التصرف في معاقد إجماعاتهم هو هذا المعنى ففيه ما عرفت من أن مرادهم على ما يظهر من كلماتهم الاحتراز عن المال الخارج عن يده أو يد وكيله أو وليه كالمسروق والمغصوب ونحوهما مما هو خارج عن تحت سلطنته واختياره وأما الاخبار فدلالتها على اعتبار التمكن من التصرف بهذا المعنى أيضا محل مناقشة فإنها بظاهرها ليست مسوقة إلا لبيان اشتراط تعلق الزكاة بوصول المال وبقائه تحت يده حتى يحول عليه الحول لا انحصار شرائط الزكاة به وكونه سببا تاما لذلك ولذ لا تنافي بينها وبين ما دل على اعتبار سائر الشرائط كالبلوغ حد النصاب وكونه من أحد الأجناس التسعة الآتية وغير ذلك مما ستعرف سلمنا ظهورها في السببية التامة ولا ينافي ذلك كونه ممنوعا عن التصرف فيه بالدفع والاقباض لولا تعلق الزكاة به إذ قد يكون جواز الدفع والاقباض مسببا عن إيجاب الزكاة عليه كما لو نذر أو حلف أن لا يخرج النصاب عن ملكه اختيارا إلى ما بعد حول الحول أو نذر أو أمره أبوه أن يجمع كل ما يفضل من ربحه في هذه السنة عن مؤنته ولا يخرج عن ملكه حتى يشتري به بستانا مثلا فإذا تعلق بماله الزكاة أو الخمس أرتفع النهي الناشي من قبل هذه العناوين الطارية لان النذر أو الحلف أو أمر الوالد إنما يجب الوفاء به ما لم يخالف حكما شرعيا أو يزاحم حقا واجبا فلا يصلح مثل هذه العناوين الطارية مخصصا لما دل على وجوب الزكاة فيما حال عليه الحول أو الخمس فيما فضل عن مؤنته فليس تمكنه من الدفع والاقباض قبل تعلق الوجوب شرطا في تحققه نعم كونه حال تعلق الوجوب متعلقا لحق آخر مانع عن التصرف كما في الرهن وغيره مانع عن تعلق وجوب الزكاة به فيكون عدمه شرطا في تمامية السبب وهو أخص من المدعي هذا كله مع أن تمكنه من القبض والاقباض حال تعلق التكليف بالزكاة شرط في تحقق الضمان بتأخير الدفع لا في تعلق الوجوب إذ قد يكون ممنوعا عن الدفع والاقباض عقلا وشرعا حال تعلق الوجوب ولا يكون ذلك مانعا عن تعلق الزكاة كما في المال المشترك البالغ سهمه حد النصاب المتعذر في حقه عقلا أو شرعا عند حول الحول تسليمه إلى الفقير والحاصل أن التمكن من الدفع وإلا قباض حال تعلق الوجوب ليس شرطا في الزكاة فضلا عن اعتباره في تمام الحول فليس هذا المعنى مرادا من النص والفتوى جزما فالذي ينبغي أن يقال إن الذي يستفاد من هذه الأخبار ليس إلا اعتبار كون المال في يده تمام الحول أي تحت تصرفه بحيث يكون بقائه عنده مستندا إلى اختياره فإن هذه هو المنساق إلى الذهن من مثل هذه الأخبار ولو بانضمام بعضها إلى بعض فلا يكفي مجرد وصول المال إليه وبقائه عنده بقهر قاهر من غير أن يتحقق له استيلاء عليه بإبقائه و إتلافه وأما كون تصرفه بكل من الابقاء والاتلاف سائغا شرعا فهو أمر آخر لا يفهم اعتباره من هذه الأخبار وغاية ما يمكن الاستدلال به لذلك ما سبقت الإشارة إليه عند البحث عن اشتراط كون الملك تاما من أن المنساق إلى الذهن من أدلة الزكاة إنما هو تعلقها بالملك الطلق الذي يكون لمالكه التصرف فيه والتسلط على دفعه إلى الفقير أو صرفه في ساير مقاصده وهذا بالنسبة إلى حال تعلق الوجوب واضح ولكن الاستدلال به لاعتبار كون المال كذلك في تمام الحول إنما يتم بانضمامه إلى ما يظهر من كلماتهم من التسالم على إن ما هو شرط لتعلق الزكاة يعتبر استمراره في تمام الحول كما يشعر بذلك أدلة اعتبار الحول حيث يستشعر منها أراد في المال الذي من شأنه الصرف في مقاصده وإنه إذا تركه حتى حال عليه الحول فإنه يزكيه ويؤيده أيضا ما ورد في كيفية شرع الزكاة مثل ما في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام لما نزلت آية خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وأنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس أن
(١٢)