أن يقول بكون هذا الجمع وجيها لو لم يكن في الاخبار الحاصرة للزكاة في التسعة ما ينافيه بظاهره بحيث يعد في العرف معارضا للاخبار المثبتة لها في ساير الأجناس وليس كذلك فإن قوله عليه السلام في موثقة زرارة وبكير ليس في شئ مما أنبتت الأرض من الأرز والذرة والحمص والعدس وساير الحبوب والفواكه شئ غير هذه الأربعة الأصناف يراه العرف مناقضا للروايات الواردة بأن في هذه الأشياء صدقة ففي مثل المقام يجب الترجيح بمخالفة العامة لا الجمع بين المتعارضين بارتكاب التأويل بحمل أحدهما على إرادة نفي الوجوب والاخر على الاستحباب فإن هذا النحو من الجمع مما لا يسوغ ارتكابه بلا شاهد خارجي كما تقرر في محله و دعوى أن الاخبار التي وقع فيها التعبير بلفظ العفو شاهد لهذا الجمع قابلة للمنع فالانصاف إن حمل الاخبار المثبتة للزكاة في ساير الأجناس بأسرها على التقية أشبه اللهم إلا أن يقال إن رجحان الصدقة بالذات وإمكان إرادة استحبابها بعنوان الزكاة من هذه الأخبار ولو على سبيل التورية التي هي أنسب بحال الإمام عليه السلام في موارد التقية مع اعتضاده بفهم الأصحاب وفتاويهم كاف في إثبات استحبابها من باب المسامحة بل لا يبعد أن يقال إن الروايات الواردة فيمن بلغه ثواب على عمل التي هي مدرك قاعدة التسامح غير قاصرة عن شمول مثل هذه الأخبار وهو غير مناف لتعين طرحها أو حملها على التقية من حيث ابتلائها بالمعارض فليتأمل وأما الخضر والبقول فالظاهر عدم الخلاف في أنه لا زكاة فيها كما يدل عليه مضافا إلى الاخبار الحاصرة للزكاة في التسعة قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة المصرحة بثبوت الصدقة في كل شئ أنبتت الأرض إلا الخضر والبقول وكل شئ يفسد من يومه وخبره الاخر عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا عفى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الخضر قلت وما الخضر قال كل شئ لا يكون له بقاء البقل والبطيخ والفواكه وشبه ذلك مما يكون سريع الفساد قال زرارة قلت لأبي عبد الله عليه السلام القضب شئ قال لا وفي خبر محمد بن إسماعيل المتقدم أما الرطبة فليس عليك فيها شئ وخبر عبد العزيز المهتدي قال قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن القطن والزعفران عليهما زكاة قال لا وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام ليس على البقول ولا على البطيخ و أشباهه زكاة الحديث وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس على الخضر ولا على البطيخ ولا على البقول وأشباهه زكاة الحديث وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الخضر فيها زكاة وإن بيعت بالمال العظيم فقال لا حتى يحول عليه الحول وصحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما في الخضرة قال (ع) وما هي قلت القضب والبطيخ ومثله من الخضر قال ليس على شئ إلا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة وعن العضاه من الفرسك و أشباهه فيه زكاة قال لا قلت فثمنه قال ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه عن الوافي في العضاه جمع عضه أصلها عضهة فزدت الهاء في الجمع كل شجر له شوك كأنه أراد بها الأشجار التي تحمل الثمار كائنة ما كانت والفرسك كزبرج الخوخ أو ضرب منه أحمر وهذه الأشياء التي دلت الروايات المزبورة على عدم تعلق الزكاة بها أغلبها مما جرت العادة بتقديرها بالوزن ولعل ما في أغلب الروايات المثبتة للزكاة في سائر الحبوب من إطلاق قوله (ع) كلما كيل بالصاع أو بالمكيال في مقام أعطاء الضابط إنما هو للجري مجرى الغالب من عدم تقدير ما عدى الحبوب بالمكائيل وإن كان مما يوزن ثم إن مقتضى ظاهر بعض الأخبار المتقدمة بل صريحة عدم تعلق الزكاة بالفواكه وشبهها من الثمار التي ليس لها بقاء بل مطلق ثمر الأشجار على ما يظهر من صحيحة الحلبي على ما ذكر في تفسيرها وأوضح منه دلالة على ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان ما لا هل فيه صدقة قال لا وفي الجواهر بعد ان ذكر دلالة الصحيحة وغيرها على نفي الزكاة في الثمار قال لكن لم أجد من أفتى به صريحا عدى الأستاذ في كشفه نعم في الدروس والروضة نسبته إلى الرواية انتهى أقول لا يبعد دعوى خروج ثمر الأشجار عن منصرف اطلاق ما تنبته الأرض المذكورة في كلماتهم والله العالم وفي زكاة مال التجارة قولان أحدهما الوجوب وقد نسب هذا القول إلى قوم من أصحابنا عن الحسن بن عيسى نسبته إلى طائفة من الشيعة وفي المدارك نقل عن المصنف انه حكى عن بعض علمائنا قولا بالوجوب ثم قال و هو الظاهر من كلام ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه والاستحباب أصح واشهر بل في الجواهر هو المشهور نقلا وتحصيلا بل عن الانتصار وظاهر الغنية نسبته إلى الامامية ومستند القول بالوجوب ظواهر اخبار كثيرة بالغة في الكثرة نهايتها منها المستفيضة المتقدمة في أوائل الكتاب الواردة في مال اليتيم والمجنون ومنها صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل اشترى متاعا وكسد عليه وقد زكى ماله قبل ان يشتري المتاع متى يزكيه فقال إن امسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة وان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما امسكه بعد رأس المال قال وسألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها فقال إذا حال عليه الحول فليزكها ورواية أبي ربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع) في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه وقد كان زكى ماله قبل ان يشتري به هل عليه زكاة أو حتى يبيعه فقال إن كان امسكه ليلتمس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة ورواية محمد بن مسلم وفيها قال كل مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي سيأتي نقل جملة منها لدى البحث عن موضوع هذا الحكم وشرائطه وقد حمل المشهور هذه الأخبار على الاستحباب جمعا بينها وبين الروايات الدالة بظاهرها أو صريحها على عدم الوجوب منها المستفيضة المتقدمة الحاصرة لما يجب فيه الزكاة في التسعة وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحركه وصحيحته الأخرى قال كنت قاعدا عند أبي جعفر (ع) وليس عنده غير ابنه جعفر (ع) فقال (ع) يا زرارة ان أبا ذر وعثمان تنازعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عثمان كل مال من ذهب أو فضه يدار ويعمل به ويتجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول فقال أبو ذر اما ما اتجر به أو دير أو عمل به فليس فيه زكاة انما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة فاختصما في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال القول ما قال أبو ذر فقال أبو عبد الله (ع) لأبيه ما تريد الا ان يخرج مثل هذا فيكف الناس ان يعطوا فقرائهم ومساكينهم فقال أبوه (ع) إليك عني لا أجد منها بدا وموثقة ابن بكير وعبيد وجماعة من أصحابنا قالوا قال أبو عبد الله (ع) ليس في المال المضطرب زكاة فقال له إسماعيل ابنه يا أبت جعلت فداك أهلكت فقراء أصحابك فقال اي يا بني حق أراد الله ان يخرجه فخرج
(٢٠)