الصدقة في كل شئ أنبتت الأرض إلا الخضر والبقول وكل شئ يفسد من يومه وخبره الاخر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام في الذرة شئ قال لي الذرة والعدس والسلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة والشعير وكل ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي يجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة وموثقة أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) هل في الأرز شئ فقال نعم ثم قال أن المدينة لم تكن يومئذ أرض أرز فيقال فيه ولكنه قد حصل فيه كيف لا تكون فيه وعامة خراج العراق منه و خبر محمد بن إسماعيل قال قلت لأبي الحسن (ع) إن لنا رطبة وأرزا فما الذي علينا فيها فقال أما الرطبة فليس عليك فيها شئ وأما الأرز فما سقت السماء العشر وما سقي بالدوالي فنصف العشر في كل ما كلت بالصاع أو قال وكيل بالمكيال وربما يشهد بصدق كلتا الطائفتين وصدورهما عن الامام صحيحة علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والغنم والبقر والإبل وعفى رسول الله صلى الله عليه وآله عما سوى ذلك فقال له القائل عندنا شئ كثير أضعاف ذلك فقال وما هو قال الأرز قال أبو عبد الله عليه السلام أقول لك إن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع الزكاة على تسعة أشياء وعفى عما سوى ذلك و تقول عندنا أرز وعندنا ذرة فقد كانت الذرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فوقع كذلك هو والزكاة على ما كيل بالصاع وكتب عبد الله وروى غير هذا الرجل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئله عن الحبوب فقال وما هي فقال السمسم والأرز والدخن وكل هذا غلة كالحنطة والشعير فقال أبو عبد الله (ع) في الحبوب كلها زكاة وروي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال كل ما أدخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة والشعير والتمر والزبيب قال فأخبرني جعلت فداك هل على هذه الأرز وما أشبهه من الحبوب والحمص والعدس زكاة فوقع (ع) صدقوا الزكاة في كل شئ كيل و هذا الاخبار بظاهرها تناقض الروايات الحاصرة للزكاة في التسعة مع ما في بعض تلك الأخبار من التصريح بالعفو عن ساير الحبوب من العدس والحمص و الأرز والذرة وغيرها بعكس ما في هذه الأخبار من التصريح بوضع الزكاة في الجميع وقد نسب إلى المشهور والجمع بينها بحمل هذه الأخبار بالنسبة إلى ما عدى الأجناس الأربعة على الاستحباب وحكي عن السيد حملها على التقية وأختار هذا الحمل في الحدائق وبالغ في تشييده وعن الكليني في الكافي نه نقل عن يونس بن عبد الرحمن من قدماء أصحابنا أنه حمل الاخبار الحاصرة في التسعة على صدر الاسلام وما دل على ثبوتها في الجميع على ما بعد ذلك ويرد على هذا الجمع الأخير أما جل الاخبار الحاصرة في التسعة عن هذه الحمل بل بعضها كالنص في أرادتها بالنسبة إلى ساير الاعصار وأما ما نسب إلى المشهور من الحمل على الاستحباب فهو أيضا لا يخلو من إشكال نظرا إلى ما في الاخبار المزبورة من الإشارة إلى موافقة الاخبار المثبتة للزكاة في ساير الأجناس العامة ومناسبتها للتقية ضرورة إن مثل هذا الحكم الذي هو عمدة ما يتعلق به سلطنة السلاطين بعد اشتهاره لدى العامة واستقرار سيرة سلاطينهم على أخذ الزكاة من ساير الحبوب لم يكن يسع الإمام عليه السلام إنكاره بل كان عليه إظهار الموافقة لهم كما وقع الامر كذلك في هذه الأخبار فلا يبقى لهذه الاخبار بعد أن علم بأن ظاهرها الذي هو موافق للعامة مخالف للواقع ظهور في كونها مسوقة لبيان الحكم الواقعي كي يصلح أن يكون التصريح بنفي الزكاة فيما عدى التسعة في الاخبار الحاصرة للزكاة فيها قرينة على إرادة الاستحباب من هذه الأخبار وملخص الكلام أن الجمع بين الخبرين المتعارضين بحمل أحدهما على الاستحباب وإن كان في حد ذاته أقرب من الحمل على التقية الذي هو في الحقيقة بحكم الطرح ولكنه في غير مثل المقام الذي يكون احتمال التقية فيه أقوى فإن الحمل على التقية حينئذ أقرب إلى الواقع من الحمل على الاستحباب ولكن يتوجه على هذا الكلام أنه لا أثر لأقوائية احتمال التقية ولا لكون المورد مما لا محيص للإمام عليه السلام عن إظهار مخالفة الواقع في باب الترجيح بناء على ما هو الحق المحقق في محله من عدم اشتراط حجية ظواهر الألفاظ بإفادة الظن بالمراد بل ولا بعدم الظن بالخلاف فغاية ما في الباب أن كون المورد كذلك يورث الظن القوي بعدم كون الاخبار المثبتة للزكاة في ساير الأجناس مسوقة لبيان الحكم الواقعي بل صادرة للتقية وهذا الظن ليس بحجة ولذا لو لم يكن لهذه الاخبار معارض لم يكن هذا الظن مانعا عن العمل بها فمع المعارض أيضا لا يصلح للمانعية إذا كان المعارض بنفسه صالحا لصرف هذه الأخبار إلى الاستحباب أنه إذا أمكن الجمع بين الدليلين المتنافيين في الظاهر بجعل أحدهما قرينة على ارتكاب التأويل في الاخر بشهادة العرف وجب الجمع بينهما بذلك فإنه مهما أمكن أولى من الطرح ولا يجوز الاعتناء باحتمال التقية أو مظنتها لمخالفتها للأصل وأما ما ذكرناه من أنه لا يبقى في مثل هذا المقام ظهور الكلام في إرادة الحكم الواقعي فهو لا يخلو من مغالطة إذ لا أثر لذلك في إختلاف مدلول الكلام من حيث هو بل هو موروث للظن بعدم كون المدلول مرادا في الواقع وهو غير قادح في حجية الظواهر فالذي ينبغي أن يقال هو أن الاخبار المثبتة للزكاة في كل ما يكال ليست جميعها على نسق واحد بل بعضها يعد في العرف معارضا للروايات الحاصرة للزكاة في التسعة فهذا مما يتعين حمله على التقية مثل قوله (ع) في صحيحة زرارة وجعل رسول صلى الله عليه وآله الصدقة في كل شئ أنبتت الأرض إلا الخضر والبقول فإنه ينافي تلك الأخبار من التصريح بأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يضع الزكاة على ما عدى الغلات الأربع بل عفي عنها وكذا موثقة أبي بصير التي وقع فيها السؤال عن أنه هل في الأرز شئ فإن ما تضمنته هذه الموثقة بعينه ما صرح الإمام عليه السلام بكذبه في مرسلة القماط فهذه المرسلة بمدلولها اللفظي تشهد بان ما تضمنته الموثقة من أقوال العامة والمخالفة للواقع فصدوره من الامام لم تكن الا من علة وبعضها ليس كذلك فإنه قد يوجد فيها ما لا يراه العرف مناقضا لتلك الأخبار بل يجعل تلك الأخبار قرينة على حمل هذا البعض على إرادة مطلق الثبوت الغير المنافي للاستحباب مثل ما وقع أبو الحسن (ع) في جواب مكاتبة عبد الله الثانية صدقوا الزكاة في كل شئ كيل فإن مقتضى الجمع بين هذا التوقيع وبين الاخبار الحاصرة حمل هذا التوقيع على إرادة مطلق الثبوت الذي لا ينافيه العفو عما عدى التسعة كما ربما يؤيد ذلك أشعار لفظ العفو الوارد في تلك الأخبار وبذلك و من هنا قد يتجه الالتزام بما صرح به في المتن وغيره بل عن بعض نسبته إلى فتوى الأصحاب بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه من أنه تستحب الزكاة في كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن عدى الخضر والبقول كالفت والباذنجان والخيار وما شاكله جمعا بين الاخبار بالتقريب المتقدم ولكن لقائل
(١٩)