إذ المفروض من أنه لا مدخلية لخصوصيات الاشخاص في الموضوعية كي يكون لكل فرد فرد حكم مقيد بما بعد المؤنة بل الحكم ثابت المطلق ربحه الذي يفضل عن مؤنة سنته ان قلت مقتضى ذلك عدم اعتبار حول اخر بعد انقضاء سنته الأولى لما يكسبه في السنة الثانية فان طبيعة الربح كما لا تتكرر بتكرر اشخاصها كذلك لا تتكرر بتكرر السنين والمفروض انها لم تتقيد الا بزيادتها عن مؤنة السنة فمقتضاه تعلق الخمس بمطلق الربح الزائد عن مؤنة سنته التي مبدئها من حين حصول شئ من الربح وان كان الربح الزائد حاصلا بعد انقضاء هذه السنة قلت المتبادر من النصوص والفتاوى الدالة على استثناء مؤنة السنة انما هو ارادتها من ربحه الحاصل في تلك السنة هذا ولكن الانصاف ان المتبادر من قوله تعالى واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه انما هو إرادة العموم ولذا لو فرض وجود دليل على اعتبار النصاب في الغنيمة لم يكن يتوهم أحد اعتباره في جنسها فليس استثناء المؤنة من الربح الا كاستثناء ما دون النصاب من الغوص و الكنز ونحوه مما اعترفنا بعدم انضمام بعض افراده المستقلة إلى بعض في اعتبار النصاب ولكن لقائل ان يقول إنه ليس للأدلة الدالة على استثناء المؤنة اطلاق أو عموم يقتضى اعتبارها على نسق واحد في كل فرد فرد من افراد الربح بل هي أدلة مجملة من هذه الجهة والقدر المتيقن الذي يمكن دعوى الاجماع عليه انما هو استثناء مؤنته في كل سنة من ربحه الذي يكتسبه في تلك السنة بل هو ظاهر قوله عليه السلام في بعض تلك الأخبار إذا أمكنهم بعد مؤنتهم وقضية ذلك تقييد موضوع ما يجب فيه الخمس بما يفضل من ربحه في كل سنة عما يصرفه في تلك السنة فتلخص من مجموع ما ذكر ان المتبادر من النصوص والفتاوى انما هو استثناء مؤنته التي من شانها صرف الربح فيها أي المتأخرة من حين حصول الربح لا المتقدمة عليه وان الربح المستثنى منه مؤنة السنة هي طبيعة الربح الذي اكتسبه فيها لافراده كي يعتبر لكل ربح ربح حول مستقل ولكن تقول ليس في شئ من الأدلة ما يوجب عليه الالتزام بسنة خاصة معينة بحيث يتعين عليه استثناء مؤنتها بالخصوص من الربح الذي اكتسبه فيها بل الذي يقتضيه اطلاقات الأدلة وفتاوى المعظم الذين لم يحدد والسنة حدا معينا ويساعد عليه عمل العرف وسيرة المتشرعة ان له الخيار في أن يحصل مؤنته في أي سنة تفرض من ربحه الذي اكتسبه في تلك السنة مفهوم كلى صادق على أي وقت يفرض من الزمان إلى أن يحل مثل ذلك الزمان من عامه المقبل فمن أول محرم إلى أول محرم سنة ومن نصفه إلى نصفه كذلك ومن أول صفر إلى أول صفر كذلك وهكذا وقد دل الدليل على أن عليه في كل سنة فيما يفضل من ربحه عن مؤنتها الخمس فإذا حصل له الربح في أي سنة تفرض من هذه السنين اندرج في موضوع هذا الحكم فلو كان الربح الحاصل له في زمان يصح اضافته إلى عدة منها فلزوم التزامه بإضافته إلى خصوص شئ منها يحتاج إلى دليل مثلا لو اشتغل بالكسب فحصل له الربح من أول محرم شيئا فشيئا على سبيل التدريج أو دفعات ثم بدا له في شهر رجب ان يجعل هذا الشهر مبدء لسنة الربح الذي ظهر له في هذا الشهر ويستثنى مؤنة عامه المقبل من ربحه جاز له ذلك فان من أول رجب إلى أول وجب سنة حقيقة ويصدق على الربح الذي اكتسبه فيها انه ربح هذه السنة فله استثناء مؤنتها منه وتخميس الفاضل بمقتضى اطلاق قوله الخمس بعد المؤنة ولا يجب علينا الالتزام بان لكل ربح حولا مع أنه يصح ان يفرض لكل منه سنة تخصه وهى من حين حصوله إلى حين حصوله من عامه المقبل إذ فرق بين ما لو قيل بأنه يجب الخمس في كل ربح يفضل عن مؤنة السنة وبين ما لو قيل بأنه يجب عليه في كل سنة فيما يفضل من ربحها عن مؤنته الخمس كما استظهرناه من أدلته ففي الأول العموم بالنسبة إلى افراد الربح ومقتضاه ان يكون لكل ربح حول وفي الثاني بالنسبة إلى افراد السنة وقد نبهنا على أن السنة مفهوم كلى يصدق على افراد لا تتناهى فإذا حصل له ربح في زمان صحت اضافته إلى عدة آحادها التي بينها العموم من وجه كما في الفرض يكون مخيرا في تعيين أيها شاء بحكم العقل و كونه مسبوقا بربح موجب لتعلق التكليف نخمس ما يفضل عن مؤنة سنته من ربحها لا يعين عليه احتساب هذا الربح من ربح السنة التي أضيف إليها الربح السابق بعد ان لا يكون ذلك مانعا عن صحة اضافته إلى عامه المقبل كي يخرجه عن موضوع الأدلة وهو ربح هذه السنة ولا منافيا لحكمها وهو جواز استيفاء مؤنتها من ربحه وتخميس الفاضل كي يكون شموله للفرد الأول مانعا عن شموله لهذا الفرد كي يلزمه ارتكاب التخصيص بالنسبة إليه إذ لا مانع عقلاء من أن يرخصه الشارع في أن يستوفى مؤنته في كل سنة من ربحه في تلك السنة من غير تقييده بقيد ومقتضاه ان يكون له في السنين المتداخلة التي حصل فيها هذا الربح الخيار في تعيين سنته فان اختار لنفسه سنة مستأنفة وجعل مؤنته من ربح هذه السنة المستأنفة لم يبق له بعد مؤنة بالنسبة إلى الأزمنة المكملة لحول أرباحه السابقة إذا لمؤنة لا تتعدد فيقع ما فضل في يده من تلك الأرباح متعلقا للخمس والحاصل ان له في أي وقت شاء وعند حصول أي ربح أراد ان يجعله مبدء لحوله ويستوفى مؤنته من ربحه الجديد وعليه ان يراعى حينئذ تكليفه بالنسبة إلى ما مضى فان فضل عنده شئ من أرباحه السابقة ولم يعرضه الحاجة إلى صرفها في المؤنة قبل انقضاء حولها ولو لأجل استغنائه عنها بالربح الجديد أدى خمسها والا فلا شئ عليه والله العالم الفرع الثالث إذا اختلف المالك للدار مثلا والمستأجر لها في الكنز فان اختلفا في ملكه فالقول قول المؤجر مع يمينه لأصالة يده وفرعية يد المستأجر عنها واختار في المسالك خلافه فإنه بعد ان ذكر عبارة المتن قال بل الأصح تقديم قول المستأجر لأنه صاحب اليد حقيقة ولدعوى المؤجر خلاف الظاهر وهو ايجار دار فيها كنز ولا يقدح في ذلك كون يده فرعية على يد المؤجر كما في اختلاف البايع والمشترى وكذا يقدم قول كل ذي يد كالمعير والمستعير مع الاختلاف نعم لو شهدت الحال بتقدمه على زمان ذي اليد كالبناء المتقادم عليه وقرب عهد ذي اليد ونحو ذلك عمل بها مع اليمين كما اختاره في البيان ولو شهدت الحال لذي اليد زال الاشكال انتهى وهو لا يخلو عن جودة ولكن قد أشرنا في محله ان المتبادر من اطلاق الكنز المبحوث عنه في هذا المبحث الذي يلحقه الأحكام المذكورة له ما شهدت الحال بقدمه ولا أقل من كونه بحسب الظاهر كتوابع الدار لا كسائر أثاث البيت ونحوها مما يكون يدا المستأجر عليها لفعليتها أقوى من يد المالك وقياسه على المشترى مع الفارق إذ لا يد للبايع على المبيع بالفعل ومعنى فرعيتها هناك تلقيها منه وفي المقام فرعية حقيقة كيد الموكل والوكيل بل هي هي بالنسبة إلى رقبة العين المستأجرة وتوابعها التي من جملتها الكنوز المذخورة تحت الأرض فما قواه في المتن بحسب الظاهر هو الأقوى وان اختلفا في قدره فالقول قول المستأجر المنكر للزيادة لأصالة براءة ذمته عن الزيادة
(١٤٣)