ومن تأخر عنهما نعم وقيل كما عن ظاهر الشيخ في المبسوط وأبى الصلاح لا وعن جمع من المتأخرين الميل إليه وعن صاحب الحدائق اختياره عملا بظاهر الآية وما ماثلها من السنة فان اللام للملك والعطف بالوا ويقتضي التشريك وإرادة الجنس من اليتامى والمساكين وابن السبيل بشهادة ما عرفت فيما سبق لا يقتضى صرف الآية عن ظاهرها من هذه الجهة بحمل اللام على إرادة بيان محض الصرف إذ لا مانع عن إرادة الاختصاص من اللام والتشريك من العطف غاية الأمر انه لم يلاحظ في التمليك والاختصاص الذي أريد من اللام اشخاص كل صنف بل نوعه فهو بمنزلة ما لو صرح بأنه يقسم الخمس ستة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وهكذا فإرادة الجنس اليتامى والمساكين لا ينافي إرادة الاختصاص الملحوظ فيه النوع ولو قيل بأنه لا معنى للاختصاص وتمليك النوع الا كون هذا النوع مصرفا للمال فهذا هو مراد القائلين بأنه لم يقصد باللام في الآية الشريفة الا بيان المصرف ومقتضاه جواز ان يخص بالخمس طائفة قلنا بعد التسليم ان هذا أيضا لا يقتضى رفع اليد عن ظهور العطف في التشريك كما لو قال اصرف هذا المال في أهل هذه البلدة وهذه أو هذه الطائفة وهذه فان ظاهره إرادة الصرف فيهما لا كون المجموع مصرفا بحيث يجوز الصرف في خصوص احدى الطائفتين أو أهل احدى البلدتين كيف ولو كان المراد باللام في الآية مجرد بيان المصرف بهذا المعنى لجاز صرف مجموع الخمس حتى سهم الإمام عليه السلام أيضا فيمن عداه من الطوائف الثلث مع أنه لا كلام في اختصاص سهم الامام به وعدم جواز صرفه في غيره هذا مضافا إلى صراحة المعتبرة المستفيضة الواردة في كيفية تقسيم الخمس المتقدمة فيما سبق كمرسلة حماد وغيرها بان لليتامى سهما وللمساكين سهما ولا بناء السبيل كذلك المعتضدة ببعض الروايات الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا كله بظاهره مناف لحمل اللام في الآية الشريفة ونحوها على مجرد بيان المصرف مع أن البسط على الأصناف موجب للقطع بالفراغ عما اشتغلت الذمة يقينا وهو ايصال الخمس إلى مستحقيه دون تخصيصه بطائفة أو طائفتين فيجب تحصيلا للقطع بالفراغ هذا غاية ما يمكن ان يستدل به لهذا القول وكفى في وهنه مع وضوح مستنده مخالفته للمشهور واستدل للمشهور بما في صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي المتقدمة في مسألة عدم وجوب الاستيعاب الواردة في تفسير الآية قال احمد قيل أرأيت ان كان صنف أكثر من ضعف كيف يصنع فقال يعنى أبا الحسن عليه السلام ذلك إلى الامام أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف صنع كان يعطى على ما يرى وكذلك الامام فان فيها دلالة وجوب البسط وأجابوا عن استدلال الخصم بالآية الشريفة بأنها مسوقة لبيان المصرف كما في اية الزكاة ونوقش في هذا الجواب بما تقدم توضيحه حلا ونقضا في تقريب دليل الخصم وبان الالتزام به في اية الزكاة لدليل لا يقتضى الالتزام به في اية الخمس هذا ولكنك ستعرف شهادة النصوص والفتاوى بكون نصف الخمس المجعول الفقراء بني هاشم بمنزلة الزكاة المجعولة لغيرهم فلا وقع لهذا الاعتراض فليتأمل وأورد على الاستدلال بالخبر المزبور لمذهبهم بعدم صراحته بل ولا ظهوره في جواز التخصيص أقول ولكنها صريحة في عدم وجوب التسوية بين الأسهم ولا بين الاشخاص وهذا ينافي إرادة الاختصاص والتمليك من اللام على سبيل التشريك بين المتعاطفات إذ لو كان التشريك ملحوظا بين الأنواع لزمه التسوية بين الأسهم وصرفه كل سهم إلى صنفه قليلا كان أو كثيرا والرواية صريحة في خلافه وان كان الملحوظ فيه المصاديق لزمه الاستيعاب في الاشخاص وقد عرفت ان هذا مما لا يمكن الالتزام به بالنسبة إلى كل فرد فرد من افراد الخمس مع أن الرواية أيضا كالنص في خلافه إذ لو كان كذلك لأجابه الإمام عليه السلام بالبسط على الرؤس والحاصل ان قوله عليه السلام ذلك إلى الامام إلى اخره صريح في أنه ليس لكل شخص أو صنف بخصوصه أو صنف بخصوصه مقدار معين من الخمس مجعول من الله تعالى بحيث لم يجز للمعطى تغييره بالزيادة والنقصان كما في سهم الإمام عليه السلام فهذا يكشف عن انه لم يقصد من الآية بالنسبة إلى الفقراء اليتامى والمساكين وابن السبيل الا ما قصد من أي الزكاة بالنسبة إليهم من إرادة صرف الحق فيهم على الاجمال كما يؤيد ذلك أيضا ما سنشير إليه لا يقال إن مفاد الآية والروايات الواردة في تقسيم الخمس ستة أسهم ليس الا اعتبار قسمته كذلك ولا ينافي ذلك جواز التفاوت بين الأسهم بالقلة والكثرة كما التزم به صريحا بعض المتأخرين ممن أوجب التعميم بين الأصناف لأنا نقول المتبادر من أدلة الخصم بعد تسليم إرادة المشاركة بين الأصناف في الاختصاص والتمليك انما هو ارادته على حسب ما يقتضيه قاعدة الشركة من استحقاق كل شخص أو صنف مقدارا من الخمس لا يحتمل الزيادة والنقصان فحمل الأدلة على إرادة اختصاص كل صنف أو شخص بشئ من الخمس بحيث يجوز للمعطى المكلف بالخمس ان يجعل سهم درهما واخر ألفا وبالعكس خلاف ظواهر الأدلة بل ظاهرها إرادة القسمة المتساوية اما على الرؤس أو الأصناف مع أن ما ذكر منقوض بسهم الامام الذي لا يتحمل الزيادة والنقصان فحمل الأدلة على إرادة التعميم والبسط على الأصناف على وجه لا ينافيه جواز التفاوت مع مخالفته لقاعدة الشركة ليس بأولى من حملها على إرادة المصرف بالنسبة إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل بل هذا أولى فالانصاف عدم قصور الرواية عن اثبات مدعى المشهور لولا أن للإمام عليه السلام الولاية على الخمس وأهله وكون امره مطلقا راجعا إليه في حال حضوره كما ستعرفه في المسألة الآتية فلا يقاس عليه حال من لا ولاية له على الخمس ولا على أهله ولكنه في خصوص خمس ماله بدفعه إلى الامام لدى التمكن منه وايصاله إلى مستحقيه لدى العجز عن ايصاله إلى الإمام عليه السلام اللهم الا ان يقال إن الذي يظهر من الصحيحة هو انه ليس لسهم كل صنف في حد ذاته حد معين واقعي غير قابل للزيادة والنقصان بل امره من هذه الجهة راجع إلى الامام لا من حيث إمامته وان له التصرف في كل سهم بحسب رأيه من باب الولاية وكيف كان فالذي يظهر من النصوص والفتاوى ويقتضيه حكمة الشرعية الخمس المنصوص عليها في النصوص وينطبق عليه الآية بظاهرها هو ان الله تعالى جعل الخمس ستة أسهم متساوية سهم لله تعالى وسهم لرسوله وسهم لذي القربى وهذه نصف الخمس كملا وهو بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام عليه السلام كما عرفته فيما سبق والثلاثة أسهم الباقية جعل سهما منها ليتامى بني هاشم وسهما لمساكنهم وسهما لأبناء سبيل ولكن لا لخصوص أشخاصهم من حيث هي كي يكون لخصوصية الاشخاص مدخلية في الاستحقاق كما في الأسهم الثلاثة التي هي للامام ولا لاندراجهم تحت هذه العناوين من حيث هي بحيث يكون لصدق العنوان عليهم دخل في الاستحقاق بل ملاك الاستحقاق
(١٤٨)