ظاهر إرادة المؤنة من المال الذي لولا استثنائها لتعلق به الخمس ونحوه قوله عليه السلام في خبر الهمداني الخمس بعد المؤنة وقوله عليه السلام في رواية النيسابوري المتقدمة الواردة فيما بقي من اكرار الحنطة بعد اخراج العشر ومؤنة الضيعة لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته ان الظاهر أن قوله عليه السلام مما بيان لقوله منه وقوله عليه السلام في مكاتبة ابن مهزيار الطويلة ومن كانت ضيعة لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك إلى غير وذلك من الأخبار الدالة عليه خلافا لما حكى عن المحقق الأردبيلي في مجمع البرهان والمحقق القمي في الغنائم فأوجبا اخراجها من المال الاخر لاطلاق أدلة الخمس المقتصر في تخصيصها بالنسبة إلى المؤنة على صورة الحاجة وفيه ان اطلاق ما دل على استثناء المؤنة حاكم على تلك المطلقات ودعوى جرى هذه المطلقات مجرى الغالب من الاحتياج إلى اخذ المؤنة من الربح فالتمسك بها في الخروج عن اطلاقات الخمس في مثل الفرض مشكل ممنوعة بل الغالب وجود مال اخر يمكن الاستغناء به سنة أو سنتين وأزيد عن صرف الربح في المؤنة عند التجار وأرباب الصنايع بل كثيرا ما يفضل عندهم من ربح السنة السابقة ما يفي بمؤنة السنة الجديدة بعد تخميسه وعلى تقدير التسليم فهو من باب غلبته الوجود فلا يوجب انصراف النص عنه لا يقال إن مقتضى الجمود على ظاهر النص هو الا التزام بعدم تعلق الخمس على من كان عنده ضيعة وتجارة أو صناعة لا يفضل ربح كل منهما عن مؤنته ولكنه يفضل ربح المجموع فإنه يصدق ان ربح ضيعته لا يفضل عن مؤنته وكذا ربح تجارته مع أنه يجب عليه الخمس بلا شبهة فهذا يكشف عن جرى الاخبار مجرى الغالب من انحصار ماخذ المؤنة فيما وقع السؤال عنه في الروايات لأنا نقول التعدي عن مورد النص بتنقيح المناط والعلم بعدم مدخليته خصوصية المورد في الحكم وكون موضوع الحكم هو مطلق الربح المستفاد سواء كان من الضيعة أو التجارة أو غيرهما لا يقتضى الغاء ظاهر النص من حيث الدلالة على اعتبار كون المؤنة من الربح هذا مع أن المؤنة لا تتعدد فإذ أدل الدليل على أنه يجب على التاجر الخمس فيما يفضل من ربح تجارته عن مؤنته وورد نص أيضا كذلك فيمن له ضيعة وتصادق العنوانان على مورد كما هو المفروض ان اعتبر مؤنته في ربح تجارته يفضل الاخر عن مؤنته له بعدوان اعتبرها فيما استفاده من ضيعته يفضل ربح تجارته وان اعتبرها في المجموع يفضل بعض من كل منهما فما يفضل عنده يندرج في الموضوع الذي يتعلق به الخمس على أي تقدير وهذا بخلاف ما لو كان عنده مال اخر لا يتعلق به الخمس كما لا يخفى فتلخص مما ذكر ان القول بوجوب اعتبار المؤنة من المال الاخر ضعيف مخالف لظواهر النصوص ولكن العبارة المحكية عن الأردبيلي (ره) غير مطلقة بالنسبة إلى المال الاخر بل قال فيما حكى عنه الظاهر أن اعتبار المؤنة عن الأرباح انما هو على تقدير عدم غيرها فلو كان عنده ما يمؤن به من الأموال التي تصرف في المؤنة عادة فالظاهر عدم اعتبارها فيما فيه الخمس بل وكذا عن المحقق القمي التصريح باختصاص الاشكال بالمال الاخر المستعد للصرف دون مثل رأس المال فيحتمل ان يكون محط نظرهم ما كان من قبيل فواضل الأقوات أو الأطعمة الثياب المنتقلة إليه بإرث ونحوه وانه ما دام عنده من هذا القبيل من المال المعد للصرف في المؤنة ليس له اعتبار مؤنته فيما فيه الخمس لا بمعنى ان عليه ان يجعل جميع مؤنته منه ولو كانت من غير جنسها بل بمعنى ان عليه ان يستغنى بما عنده عن صرف الربح في مثله فإذا كان عنده مثلا حنطة معدة للاكل للتجارة ليس له ان يضع من الربح بمقدار ما يصرفه منها في مؤنته أو يدع هذه الحنطة ويشترى حنطة أخرى من الربح لا انه يجعل سائر مؤنته منها فعلى هذا لا يخلو كلامهما عن وجه لامكان ان يقال إن حاله حينئذ حال من كان عنده دار سكنى منتقلة إليه بإرث ونحوه في أنه لا يعد معها صرف الربح في شراء دار اخر أو إجارتها من مؤنته فليتأمل وأما القول باعتبارها من المجموع فلم يتحقق قائله ولم يعرف له وجه عدى مجرد الاستحسان الذي لا ينبغي الالتفات إليه خصوصا في مقابل اطلاقات أدلة الخمس كما هو مستند القول الأول أو ظواهر ما دل على أنه بعد المؤنة كما هو مدرك القول الثاني والله العالم بقي الكلام في بيان مبدء حول المؤنة وزنا ان تعلق التكليف بالخمس وسيأتي تحقيقهما عند تعرض المصنف (ره) لنفى اعتبار الحول في الخمس إنشاء الله السادس مما يجب فيه الخمس إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب فيها الخمس عندا بنى حمزة وزهرة وأكثر المتأخرين من أصحابنا كما في الجواهر بل في الروضة نسبته إلى الشيخ والمتأخرين اجمع بل عن التذكرة والمنتهى وكنز العرفان نسبته إلى علمائنا كما عن بعضهم أو إلى أصحابنا كما عن بعض اخر منهم بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه والأصل في هذا الحكم صحيحة أبى عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس وعن المفيد في باب الزيادات من المقنعة مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال الذمي إذا اشترى ما مسلم الأرض فعليه فيها الخمس وفي المدارك بعد ان نسب هذا الحكم إلى الشيخ واتباعه واستدل عليه بالصحيحة المزبورة قال وحكى العلامة في المختلف عن كثير من المتقدمين كابن الجنيد والمفيد وابن أبي عقيل وسلار وأبى الصلاح انهم لم يذكروا هذا القسم وظاهرهم سقوط الخمس فيه ومال إليه جدي قدس سره في فوائد القواعد استضعافا للرواية الواردة بذلك وذكر في الروضة تبعا للعلامة في المختلف انها من الموثق وهو غير جيد لان ما أوردناه من السند من أعلى مراتب الصحة فالعمل بها متعين لكنها خالية من ذكر متعلق الخمس صريحا ومصرفه وقال بعض العامة ان الذمي إذا اشترى أرضا من مسلم وكانت عشرية ضوعف عليه العشر واخذ منه الخمس ولعل ذلك هو المراد من النص انتهى أقول والانصاف ان هذا الاحتمال هو في حد ذاته بعد الالتفات إلى خصوصيات المورد من عدم اندراج موضوع الحكم في الغنائم والفوائد التي تعلق بها هذا الحكم في الشريعة واختصاصه بشرا الأرض دون غيرها وكون المقصود بهذا الحكم بيان ما هو وظيفة الحاكم من مؤاخذته به كسائر الحقوق المتعلقة بالأراضي الخراجية لا وجوبه عليه على حد وجوب الزكاة وخمس الغنائم وغيره من التكاليف التي يلتزم فيها بكون الكفار مكلفين بها ومعاقبين عليها ولكنهم غير ملتزمين بها ما داموا كفارا في غاية القوة الا ان الالتفات إليه مع مخالفته لاطلاق النص خصوصا مع استلزامه لحمل الرواية على التقية مخالف للأصول والقواعد الشرعية من التعبد بظواهر النصوص ما لم يثبت خلافها نعم لو علم معروفية الفتوى التي نقلها عن بعض العامة في زمان الباقر عليه السلام لا يبعد ان يدعى صلاحيتها الصرف النص عن ظاهره بالحمل على ما قيل ولو تقية و لكنه لم يثبت فالالتزام بظاهر النص عليه ما يقتضيه اطلاقه كما هو المعروف بين المتأخرين أشبه بالقواعد ثم إن متعلق الخمس على ما يظهر من النص خصوصا
(١٣٢)