من البعد المانع من صرف الروايات إليه فصورة العلم بالمقدار خارجة عن مورد كلا الحكمين فيرجع في حكمها إلى الأصل وهو حرمة التصرف وملك الغير من غير رضاه ولكن له تخليص ماله بالقيمة برفع امره إلى الحاكم ان كان والا فعدول المؤمنين وان تعذر يتولاه بنفسه لقاعدة نفى الضرر كما لو امتزج ماله بمال شخص غائب أو صغير أو مجنون أو مجهول يرجى معرفته فان وجوب الخمس أو الصدقة أو غير ذلك انما هو بعد الياس عن صاحبه فقبله خصوصا مع غلبة الظن بوجدان صاحبه ليس له صرفه في الخمس أو الصدقة بلا شبهة بل عليه حفظه والفحص عن صاحبه وحيث إن ابقائه كذلك مانع عن التصرف في ماله وهو ضرر منفى في الشريعة له ان يرفع امره إلى الحاكم ومطالبته بالتقسيم وتعيين مال الغائب المجهول ثم الفحص عن صاحبه فان وجده فهو والا فيندرج في موضوع اخبار الصدقة أو يفهم حكمه منها بتنقيح المناط فما ذكره في طي كلامه من توقف تقسيمه على رضا الشريكين وبدونه يمتنع فلا يجدى التصدق بمقدار الحرام في حلية الباقي ضعيف فان الحاكم يقوم مقام شريكه مع أن صحته القسمة لا تنوط برضا كل من الشريكين بل لكل منهما الزام صاحبه به فان امتنع يتولاه الحاكم الذي هو ولى الممتنع فتلخص لك ان القول بوجوب الخمس في هذه الصورة أي صورة العلم بمقدار الحرام تفصيلا سواء كان أقل من الخمس أو أكثر في غاية الضعف مع أنه بحسب الظاهر مخالف للاجماع وان أوهمه اطلاق بعضهم الخمس في الحلال المختلط بالحرام ولكنه لا يظن بأحد منهم الالتزام به ولذا خص غير واحد من أساطين الأصحاب عنوان المسألة بصورة عدم تميز المقدار والمستحق ويتلوه في الضعف القول بوجوب دفع ذلك المقدار خمسا لا صدقة قل أو كثر ولعلمه لدعوى استفادته من الاخبار التي ورد الامر فيها بالخمس بتنقيح المناط نظرا إلى أن الجهل بالمقدار انما يناسب تحديد مقداره بالخمس لا تخصيص مصرفه بأرباب الخمس فيستكشف من ذلك ان قصره عليهم دون سائر الفقراء منشأ عدم تميز عينه لا الجهل بقدره وفيه ان كون الخمس الثابت في الحلال المختلط بالحرام تحديدا لمقدار الحرام المختلط لا كونه حكما تعبديا أمر حدسي غير مقطوع به كما تقدمت الإشارة إليه مرارا فضلا عن أن القطع ان مناط أصل الاستحقاق محض الاختلاط والجهل بمالكه من غير أن يكون للجهل بمقداره دخلا فيه واضعف منه القول بأنه على تقدير زيادته على الخمس يصرف خمسه في مصرف الخمس والزائد صدقة إذ لا مقتضى لهذا التفصيل فإنه اما ان يتناوله اخبار الصدقة ولو بتنقيح المناط أو اخبار الخمس كذلك أولا يتناوله شئ منهما ويرجع في حكمه إلى الأصول وعلى أي التقادير لا يتجه هذا التفصيل كما لا يخفى ولو كان مقدار الحرام مجهولا تفصيلا ولكنه يعلم اجمالا بأنه أقل من الخمس أو أكثر فالظاهر كونه بحكم ما لو علم كونه كذلك تفضيلا في كونه خارجا عن مورد اخبار الخمس اما صورة العلم بكونه أقل فلظهور التعليل الوارد في الاخبار بان الله رضى من الأشياء بالخمس في ارادته في غير هذه الصورة لان سوقه يشهد بوروده في مقام بيان التوسعة و التخفيف لا يناسبه الالزام بالأكثر اللهم الا ان يحمل الخمس على التعبد المحض من غير أن يكون مربوطا بقدر الحرام ومنزلا منزلة ايصاله إلى صاحبه كي ينافيه العلم بكونه أقل ولكنك عرفت ان الالتزام بكونه كذلك في غاية الاشكال مع مخالفته لظاهر المشهور أو المجمع عليه فما استقر به في المناهل على ما حكى عنه من وجوب الخمس في هذه الصورة لاطلاق الاخبار والفتاوى ضعيف ويستكشف من عدم شمول النصوص والفتاوى لهذه الصورة ان صورة العلم بكون الحرام أكثر من الخمس أيضا كصورة العلم بأنه أقل غير مقصودة بالروايات إذ التفكيك بين الصورتين في ارادتهما من الروايات لا يخلو عن بعد بل المقصود بها بحسب الظاهر هو صورة الجهل الذي يناسبه التحديد بالخمس شرعا أي ما كان حرامه مرددا بين الأقل من الخمس و الأكثر كما لعله الغالب في موارد النصوص دون ما إذا علم أنه أقل أو أكثر هذا مع ما في إرادة صورة العلم بكونه أكثر كصورة العلم بكونه أقل من البعد حيث إن مقتضاها تحليل مال الغير مجانا وهو كالزامه بدفع الأكثر في صورة العلم بكونه أقل بعيد فلا يكاد ينسبق إلى الذهن ارادتها من مثل هذه النصوص فالأظهر خروج كل من الصورتين عن مورد النصوص فيتجه فيهما ما عرفته في صورة العلم التفصيلي بمقدار الحرام من الصدقة ثم لو قلنا بشمول اخبار الخمس لصورة العلم بالزيادة فمقتضاه الاقتصار على اخراج خمسه لما في الاخبار من التصريح بان سائر المال لك حلال فاحتمال وجوب دفع الجميع خمسا أو صرف خمسه في مصرف الخمس والزائد صدقة ضعيف وعلى المختار من وجوب الصدقة فهل يقتصر على القدر المتيقن أو يتصدق بما تيقن معه بالبراءة وجهان قضية الأصل والاقتصار في رفع اليد عما تقتضيه اليد على المتيقن هو الأول و لكن الاعتماد على الأصول والقواعد بعدان علم اجمالا بامتزاج ما في يده بالحرام مشكل وما يقال من أن العلم الاجمالي بامتزاج ما في يده بالحرام ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي فيرجع في المشكوك إلى الأصول والقواعد على اطلاقه لا يخلو عن نظر كما أوضحناه في الأصول فالأحوط ان لم يكن أقوى هو التصدق بما يحصل معه اليقين بالبراءة والله العالم الصورة الثالثة ان يعرف قدر الحرام وصاحبه وحكمه الشركة في العين بنسبة المالين فهذا مما لا اشكال فيه إذا كان صاحبه معروفا بعينه واما إذا كان مرددا بين اشخاص محصورة فقد يشكل الامر حيث إن مقتضى قاعدة اليد وجوب ايصال مقدار الحرام إلى صاحبه ولا يحصل الجزم به الا بدفع مثله إلى كل منهم وهو ضرر عظيم ولذا قد يقال بل قيل فيه بالقرعة لأنها لكل امر مشكل وقيل بالقسمة بينهم اخذا من بعض الأخبار الواردة في الوديعة المرددة بين شخصين والأوجه الالتزام بوجوب الاحتياط وتحصيل الجزم بتفريغ ذمته بصلح ونحوه ولو بدفع أمثال المال إلى الجميع لدى الامكان كما صرح به بعض بل لعله المشهور حيث إن تضرره بذلك نشأ من سوء اختياره وتفريطه في مال الغير فيشكل ان يعارض ضرره ضرر ذلك الغير وان كان أكثر فمقتضى قاعدة اليد المعتضدة بقاعدة نفى ضرر المالك وجوب ايصال ماله إليه فيجب تحصيل مقدماته الوجودية والعلمية بحكم العقل وان توقف على بذل المال الا ان ينفيه قاعدة نفى الحرج والضرر وهو مشكل في مثال المقام الذي نشأ التكليف به من سوء اختياره وكون رفعه مستلزما لتضرر الغير على تقدير عدم وصول ما له إليه كما تقدمت الإشارة إليه فان شمول القاعدة لمثل هذا الضرر لا يخلو عن تأمل نعم لو لم يكن استيلائه عليه على سبيل العدوان بل كان مال الغير عنده وديعة أو عارية فامتزج بماله من غير تعد أو تفريط أو كان استيلائه عليه لا على وجه يستند العدوان إليه بان حصل بفعل الغير كما لو غصبه ثالث فخلطه بماله فيتجه حينئذ نفى وجوب مقدماته الوجودية والعلمية بالقاعدة فلا يجب عليه حينئذ بذل الأزيد من مقدار الحرام ويرجع في تشخيص مالكه إلى القرعة أو انه يقسمه بين محتملاته على الخلاف فيما هو من نظائر المقام واحتمل شيخنا المرتضى (ره) في هذه الصورة أي صورة اشتباه صاحبه في قوم محصور ين القول بأنه يدفع إلى الحاكم لهم من المال المذكور ما تيقن معه بخلو ما في يده من الحرام فيكون المال في يد الحاكم مرددا بين قوم محصورين ثم قال
(١٣٩)