مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٩٣
لجامع المقاصد لأنه المتبادر من اطلاق الثوب مع اعتضاده بما ادعى عليه الاجماع من اشتراط كون ما يكفن به مما يصلى فيه أو يكفي ستره بالمجموع لحصول غرض التكفين به أم لا يعتبر ذلك أيضا للأصل واطلاق الأدلة وجوه بل أقوال أحسنها أوسطها لعدم الدليل على الأول والتبادر غير مسلم بحيث يعتنى به في رفع اليد عن الاطلاق والاجماع المدعى على تقدير تسليمه انما هو باعتبار جنس الكفن لا وصفه نعم لا ينبغي الارتياب في كون ستر البدن ومواراة جسد الميت كله مقصود للشارع كما يدل عليه صحيحة زرارة وغيرها ويؤيدها الاعتبار فبهذا يظهر لك ضعف القول الثالث مضافا إلى شذوذه حيث لم ينقل الا من بعض متأخري المتأخرين والله العالم ولا يجوز التكفين بالمغصوب قطعا لحرمة التصرف فيه بل لو كفن به للمالك انتزاعه ولو بعد دفنه لان الناس مسلطون على أموالهم ولا يعارضه حرمة نبش القبور التقدم قاعدة السلطنة على مثل هذه العمومات مضافا إلى قصور ما دل على الحرمة عن شمول مثل الفرض كما لا يخفى على المتأمل خصوصا لو كان الغصب بفعل الميت بان كان الكفن من مخلفاته التي استولى عليها عدوانا فان تخليصه عن مثل هذا الكفن الذي هو نار محيطة عليه في القبور ويوم النشور أولى من مراعاة احترامه الصوري الذي هو عمدة الحكمة في تشريع حرمة النبش وكذا لا يجوز التكفين بالنجس بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن المعتبر والذكرى دعوى الاجماع على اشتراط طهارة الأكفان ويدل عليه مضافا إلى ذلك فحوى ما دل على وجوب إزالة النجاسة الخارجة من الميت عن ثوبه وكفنه كما ستعرفه وقضية اطلاقه كاطلاق معقد اجماعي المعتبر والذكرى عدم الفرق بين ما عفى عنه في الصلاة وعدمه كذا لا يجوز التكفين بالحرير المحض اجماعا على الظاهر المحكى عن جملة من العباير كالمعتبر والتذكرة والذكرى وظاهرهم بل صريح المحكى عن الذكرى عدم الفرق في معقد اجماعهم بين الرجل والمرأة واستدل له بمضمرة حسن بن راشد في الكافي وعن أبي الحسن الثالث مرسلا في الفقيه قال سئلته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح ان يكفن فيه الموتى قال إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس وفيه ان مفهومه ثبوت البأس في الثوب الغير الخالص الذي لم يكن قطنه أكثر وهذا مما لا يظن بأحد الالتزام به على اطلاقه بل يظهر منهم عدم الخلاف في جواز التكفين بغير الخالص الذي يجوز للرجل ان يصلى فيه واما الحرير الخالص الذي لا يجوز للرجل ان يصلى فيه فهو خارج من الموضوع المفروض في القضية حتى يفهم ثبوت البأس بالنسبة إليه الا بفحوى الخطاب ويشكل الاعتماد عليها بعد طرح الشرطية من حيث المفهوم لكن الانصاف ان الرواية مع ذلك لا تخلو من نحو ظهور في المدعى ولعل منشأه اشعارها بكون المنع من الحرير المحض مفروغا منه وقد يستدل له أيضا بما في الأخبار المستفيضة من النهى عن التكفين بكسوة الكعبة مع الاذن في البيع وساير انحاء التصرف فيها ففي رواية عبد الملك قال سئلت أبا الحسن (ع) عن رجل اشترى من كسوة الكعبة فقضى ببعضه حاجته وبقى بعضه في يده هل يصلح بيعه قال يبيع ما أراد ويهب ما لم يرده ويستنفع به ويطلب ببركته قلت أيكفن به الميت قال لا بناء على أن علة النهي ليس لكونها حريرا إذا لولاه لكان التكفين به راجحا لأجل التبرك وفيه مالا يخفى لعدم العلم بانحصار الوجه فيها إذ من الجايز ان يكون النهى عنه لاقتضاء التكفين به نجاسته بعد الدفن المنافية لاحترامه واضعف منهما الاستدلال له بقاعدة الاحتياط فان المرجع في مثل المقام بعد الغض عن اطلاق الأدلة اللفظية هو البراءة ولو على القول بثبوت الحقيقة الشرعية في الكفن واجمال معناه الشرعي لما تقرر في محله من أن المرجع عند الشك في الشرطية والجزئية البراءة لا الاحتياط ويتلوه في الضعف الاستدلال للمنع في حق الرجال بالاستصحاب إذ بعد تسليم بقاء الموضوع والغض عن امكان دعوى ظهور الأدلة في حرمة الحرير عليهم باتخاذهم إياه زينة لهم ما دام الحياة لا بعد الموت يتوجه عليه انه لا مجال للاستصحاب مع اطلاق الاخبار الامرة بثلاثة أثواب ونحوها اللهم الا ان يدعى عدم كون المطلقات مسوقة لبيان جنس الكفن فليتأمل نعم يؤيده ما عن الفقه الرضوي لا تكفنه في كتان ولا ثوب إبريسم وإذا كان ثوب معلم فاقطع علمه ولكن كفنه في ثوب قطن ولا بأس في ثوب صوف انتهى وكذا يؤيده في حق الرجال بل يدل عليه لولا ضعف السند كالرضوي ما عن بعض الكتب مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يكفن الرجال في ثياب الحرير وهذه المرسلة مشعرة بل ظاهرة في جوازه للنساء كما أن قضية الأصل والاطلاقات أيضا ذلك بل قضية عموم التشبيه الذي قد يدعى استفادته من رواية محمد بن مسلم الدالة على أن الميت بمنزلة المحرم ليس الا ذلك كما أن مقتضاه المنع في حق الرجال فلا ينبغي الاستشكال فيه بالنسبة إلى الرجال لامكان دعوى انجبار ضعف الروايتين بل وكذا عموم التشبيه بالفتاوى والاجماعات المحكية مضافا إلى عدم الخلاف فيه ظاهرا واما في خبر إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله نعم الكفن الحلة ونعم الأضحية الكبش الأقرن فهو بعد اعراض الأصحاب عند موافقته للعامة على ما قيل لا ينهض دليلا لاثبات الجواز مع عدم تعين إرادة الحرير المحض من الحلة واما في حق النساء فلولا ظهور كلماتهم في الفتاوى ومعاقد اجماعاتهم في المنع بل تصريح بعضهم في معقد اجماعه بذلك لكان الوجه جوازه ولو على تقدير تسليم ظهور المضمرة في المدعى لامكان دعوى انصرافها إلى الرجال ولعله لبعض ما أشرنا إليه أوكله احتمل العلامة في محكى النهاية والمنتهى جواز تكفين المرأة به لكن لا ريب في أن المنع هو الأحوط بل لا يخلو من قوة بالنظر إلى ما عرفت والله العالم ثم إن ظاهر المصنف كالعلامة وجماعة حيث اقتصروا على المنع من الحرير عدم المنع من مطلق مالا يجوز فيه الصلاة كاجزاء ما لا يؤكل لحمه وهذا والذي يقتضيه الأصل واطلاقات الأدلة لكن عن جملة منهم التصريح بعدم جواز التكفين بما لا يجوز
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»