مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٨٤
لا يسقط الغسلة بفوات ما يطرح فيها فان الغسل بماء السدر والكافور وان تعذر من حيث الخصوصية لكن لم يتعذر مطلقه فيجب الاتيان به لقاعدة الميسور بل وقاعدة مالا يدرك كله بناء على كون السدر والكافور من قبيل الاجزاء للماهية المأمور بها لا الشرايط بل الاستصحاب أيضا ببعض التوجيهات التي لا تخلو عن مناقشة وفي الرياض وجهه بمالا يخلو عن نظر فإنه بعد ان علل القول الأول بفقد المأمور به عند فقد جزئه قال وهو بعد تسليمه كذلك إذا دلت الاخبار على الامر بالمركب وليس كذلك الدلالة أكثرها وفيها الصحيح وغيره على الامر بتغسيله بماء وسدر فالمأمور به شيئان متمايزان وان امتزجا في الخارج وليس الاعتماد في ايجاب الخليطين على ما دل على الامر بتغسيله بماء السدر خاصة حتى يرتفع الامر بالمضاف بارتفاع المضاف إليه وبعد تسليمه لا نسلم فوات الكل بفوات الجزء بعد قيام المعتبرة باتيان الميسور وعدم سقوطه بالمعسور وضعفها بعمل الأصحاب طرا مجبور انتهى وفيه بعد الغض عن بعض ما فيه انه ان أزيد من كون المأمور به شيئين متمايزين كونهما واجبين مستقلين من دون ارتباط لأحدهما بالاخر وانما يتحقق امتزاجهما في الخارج من باب الاتفاق لا اللزوم والاشتراط كي لا يكون تعذر بعض سببا لارتفاع التكليف عن الاخر ففيه مالا يخفى ضرورة عدم كونهما كذلك وانما المأمور به هو الغسل بماء فيه شئ من السدر ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يتأدى المقصود بهذه العبارة أو بقوله اغسله بماء السدر أو اغسله بماء وسدر فان المراد بجميع هذه العباير ليس الا ايجاب ايجاد غسل واحد بماء وسدر فإذا فقد أحد الجزئين يمتنع حصول المأمور به في الخارج فالقول بوجوب الغسل بالماء القراح بدلا من ماء السدر والكافور يحتاج إلى دليل اخر غير هذه الأدلة التي لا يفهم منها الا وجوب الغسل المقيد بكونه بماء السدر وعمدة ما يصح الاستناد إليه انما هي قاعدة الميسور لكنها أيضا غير سالمة من الخدشة إذ قد عرفت مرارا انه يشترط في اجراء القاعدة كون المأتى به من مراتب المأمور به بان يكون عين تلك الماهية بنحو من المسامحة العرفية بان لا يكون الفائت من الأركان التي يتقوم بها الماهية عند العرف ولا يبعد دعوى ان الخليطين بنظر العرف من الأركان بل لا يبعد دعوى قضائهم ولو بواسطة المناسبات المغروسة في أذهانهم كون استعمالهما متأصلا بالطلب ولذا لم نستبعد شهادتهم بوجوب طرح الخليطين في الماء الذي لم يكف الا لغسل واحد فالانصاف ان القول الأول أوفق بالقواعد ولكن مع ذلك فيه تردد ولو لأجل ما ورد في حكم المحرم من أنه كالمحل في الغسل وغيره الا انه لا يقربه الكافور فان مقتضاه وجوب تغسيل المحرم بالماء القراح بدلا من ماء الكافور فلا يبعد دعوى القطع بعدم الفرق بين التعذر الشرعي والعقلي ولذا استدل بعضهم لوجوب الأغسال الثلاثة بذلك معللا بان المتعذر عقلا كالمتعذر شرعا لكن ناقش فيه شيخنا المرتضى [ره] بان المتعذر شرعا كالمتعذر عقلا دون العكس مع أن الحكم الثابت في مورد خاص لتعذر شرعي لا يسرى إلى التعذر العقلي انتهى ويتوجه على ما ذكره من منع كون المتعذر العقلي كالشرعي ان حكمهم بان التعذر الشرعي كالعقلي ليس حكما تعبديا مأخوذا من اية أو رواية حتى يتكلم في مقدار دلالة الدليل بل هو بيان قاعدة عقلية وهى انه إذا كان العذر علة لثبوت حكم فلا فرق بين ان يكون العذر عذرا واقعيا حقيقيا أو عذرا ناشئا من امر شرعي ومن المعلوم انه لو ثبت حكم للمتعذر شرعا من حيث كونه متعذر الثبت ذلك الحكم للمتعذر عقلا بالأولوية القطعية العقلية نعم يتوجه على الاستدلال ما ذكره أخيرا من احتمال مدخلية خصوصية المورد في الحكم لكن الانصاف ضعف هذا الاحتمال في الغاية فالقول بالأغسال الثلاثة لو لم نقل بأنه أقوى فلا ريب في أنه أحوط هذا كله من حيث الحكم التكليفي واما الحكم بطهارة بدنه وسقوط الغسل بمسه فهو مخالف للأصل بل قضية الاستصحاب بقاء ما كان ما لم يعلم المزيل فقبل تحقق الأغسال الثلة محكوم نجاسة بدنه ووجوب الغسل بمسه واما بعدها فهل يحكم بطهارة البدن وسقوط غسل المس وجهان بل قولان أظهرهما ذلك إذ لا شبهة نصا واجماعا في أن فقد الخليطين ليس رافعا للتكليف بغسل الميت فالمأتي به هو ميسور مطلق غسله من غير فرق بين ان نقول بكفاية غسل واحد وعدمها إذ لا يوجب ذلك التشكيك في كون المأتى به ميسور المتعذر وقد تقرر في مسألة أولى الاعذار في باب الوضوء انه يترتب على العمل الناقص الذي أوجب الاضطرار صحته جميع اثار ذلك العمل على تقدير كونه تاما نعم لو قلنا بان كل غسل عمل مستقل له اثر خاص يحصل به مرتبة من الطهارة مطلوبة لذاتها وان حصلت الطهارة المطلقة بتحقق مجموع تلك المراتب لكن لا يرتبط بعضها ببعض بحيث يكون المأتى به ميسور الجميع بل المأتى به هو الغسل بالماء القراح الذي كان واجبا حال التمكن لذاته واما الغسلان الأخيران فأسقطهما التعذر لاتجه القول بعدم الرفع لكن يتوجه عليه انه بعد فرض طهورية كل من الغسلين لا مجال للتشكيك في كون مطلق الغسل بالماء ميسورهما فلا يسقط بالمعسور لان السبب الأعظم الذي يستند إليه الطهورية بنظر المتشرعة ويدل عليه اخبارهم انما هو الماء الذي يتقوم بمطلقة مهية الغسل وخصوصياته المعتبرة ككونه بماء السدر أو الكافور بمنزلة الأوصاف الغير المقومة ولذا نقول في المسألة الآتية وهى ما لو تعذر تغسيل الميت رأسا ان المتجه على هذا التقدير هو التيمم بدلا من كل غسل مع أن التيمم لا يكون بدلا منه الا من حيث كونه غسلا لا من حيث كونه بماء السدر والكافور فلا يشرع الا عند تعذر مطلق الغسل فليتأمل وكيف كان فالأظهر ان فوات الخليطين ليس موجبا لسقوط التكليف بغسل الميت الذي هو طهور له فالمأتي به هو ميسور المكلف به يترتب عليه اثر التام وبذلك ظهر لك وجه اخر للقول بعدم سقوط الغسل بفوات ما يطرح فيه فإنه يجب تطهير الميت عن النجاسة فإذا توقف القطع بالطهارة
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»