مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٨
الأخبار المتقدمة خصوصا مع ما في ذكر الشرطية بعد فرض كون ما به يتحقق موضوع الحكم بالإعادة أعم من صورة العلم والجهل من الحزازة فليتأمل وكيف كان فاستفادة رجحان الإعادة فيما هو محل الكلام فضلا عن وجوبها من هاتين الروايتين لا يخلو عن تأمل فالقول بالتفصيل بين الوقت وخارجه ضعيف جدا حجة القول بالتفصيل بين المتردد التارك للفحص وبين غيره جملة من الاخبار منها رواية الصيقل عن أبي عبد الله قال سئلته عن رجل اصابته جنابة بالليل فاغتسل وصلى فلما أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة فقال الحمد لله الذي لم يدع شيئا الا وقد جعل له حدا ان كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا إعادة عليه وان كان حين قام لم بنظر فعليه الإعادة وعن الفقيه مرسلا قال وروى في المني انه ان كان الرجل حين قام نظر وطلب فلم يجد شيئا فلا شئ عليه وان كان لم ينظر ولم يطلب فعليه ان يغسله ويعيد صلاته أقول يحتمل قويا كونه إشارة إلى الرواية المتقدمة فنقلها بالمعنى وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) انه ذكر المني وشدده و جعله أشد من البول ثم قال إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك الإعادة إعادة الصلاة وان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رايته بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول فان قضية اشتراط نفى الإعادة بالنظر ثبوتها على تقدير ترك النظر ورواية ميسر قال قلت لأبي عبد الله (ع) آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله فاصلي فيه فإذا هو يابس قال أعد صلاتك اما انك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ فيقيد بهذه الروايات اطلاقات الأخبار المتقدمة النافية للإعادة فيختص مورد تلك الأخبار بغير المتردد التارك للفحص الذي استفيد وجوب الإعادة عليه من هذه الروايات وحيث لا يستفاد منها أزيد من حكم المتردد التارك للفحص يكون تقييد المطلقات بها من أهون التصرفات كما لا يخفى ولا يشكل ذلك أي وجوب الإعادة عليه بعد الانكشاف بعدم وجوب الفحص عليه عند إرادة الدخول في الصلاة كما يشهد له الاجماع والنصوص الدالة على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية مضافا إلى ما في ذيل صحيحة زرارة الطويلة من التصريح بعدم وجوبه حيث قال بعد ما قدمنا نقله انفا قلت فهل على أن شككت في أنه اصابه شئ ان انظر فيه قال لا ولكنك انما تريد ان تذهب الشك الذي وقع في نفسك الحديث إذ لا منافاة بين جواز الاعتماد على الأصل ووجوب الإعادة عند انكشاف الخلاف لكن قد ينافيه ما يظهر من هذه الفقرة من الصحيحة من انحصار ثمرة الفحص بذهاب الشك العارض للانسان الموجب للوسوسة وتشويش البال فلو كان عدم الإعادة عند انكشاف الحال ثمرة له كما هو المدعى لم تكن الثمرة منحصرة في ذهاب الشك وكان التنبيه على هذه الفائدة أولى بل كان المناسب الامر بالنظر من باب الارشاد لئلا يقع في كلفة الإعادة كما امر بالاستبراء لئلا يقع في كلفة إعادة الطهارة وغسل الثوب من البلل المشتبه الخارج بعد البول وكذا ينافيه التعليل المذكور في هذه الصحيحة فإنه يدل على أن عدم الإعادة مسبب عن كونه متطهرا في مرحلة الظاهر حال الصلاة وظاهره كون استصحاب الطهارة بنفسه هو العلة في عدم الإعادة من غير أن يكون لفحصه الذي فرضه السائل في المورد دخل في ذلك وقد عرفت ان استصحاب الطهارة لا يتوقف على الفحص بنص هذه الصحيحة فضلا عن غيرها فتتحقق المعارضة بين هذه الصحيحة وبين تلك الأخبار وهى قاصرة عن مكافئة الصحيحة خصوصا مع مخالفتها للمشهور واعتضاد الصحيحة بالشهرة واطلاقات الأخبار المتقدمة وليس ارتكاب التأويل في الصحيحة بأهون من التصرف في تلك الأخبار بالحمل على الاستحباب هذا كله بعد تسليم دلالة تلك الأخبار على المدعى والا فلا يخلو دلالة بعضها عن نظر بل منع كما أنه لا يخلو سند بعضها الاخر الدال عليه عن قصور اما رواية ميسر فهي أجنبية عما نحن فيه لأن الكلام في الجاهل الغير المسبوق بالعلم بالنجاسة الذي ورد فيه الأخبار المتقدمة النافية للإعادة لا مثل مورد هذه الرواية الذي كان تكليفه استصحاب النجاسة لولا حمل فعل الجارية على الصحيح فالعمل بهذه الرواية يستلزم اما رفع اليد عن قاعدة حمل فعل المسلم على الصحيح أو الالتزام بكون اصالة الصحة في هذا المورد أيضا كسائر الموارد اعتبارها مراعى بعدم انكشاف الخلاف ولا ينافيه ما استظهرناه من صحيحة زرارة وغيرها من أن الطهارة الظاهرية شرط واقعي للصلاة حيث لا يفهم منها أزيد من كون الطهارة الظاهرية الغير المسبوقة بالعلم مجزية لا مطلقا وكيف كان فلا معارضة بين هذه الرواية وبين الأخبار المتقدمة أصلا واما صحيحة محمد بن مسلم فلا ظهور لها في إرادة المفهوم من الشرطية الثانية بل الظاهر أن ذكر الشرط في هذه الفقرة جار مجرى العادة [الغالب] حيث إن المتردد في إصابة الجنابة إلى ثوبه غالبا ينظر إليه لدفع الوسوسة عن نفسه وتحقيق حال ثوبه فالمقصود بهذه الفقرة على ما يشهد به سوق العبارة بيان المفهوم الذي أريد بالقيود المذكورة في الفقرة الأولى فكأنه قال إن رأيت المني قبل الصلاة أو بعد ما تدخل فيها أي في أثنائها فأعد وان رأيت بعد الصلاة فلا تعد واما مرسلة الصدوق فقد أشرنا انفا إلى أنه لم يثبت كونها غير رواية الصيقل فالعمدة في المقام هي هذه الرواية وظهورها في المدعى غير قابل للانكار لكنها لا تنهض للحجية في مقابلة ما عرفت ولا يبعد تنزيلها على ما لو كان الثوب من أطراف الشبهة المحصورة كما يؤيد ذلك ظهور السؤال والجواب في إرادة الجنابة الغير العمدية من احتلام ونحوه فيكون الثوب في مثل الفرض كثيرا ما من أطراف الشبهة فلا يجوز الصلاة
(٦١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 623 ... » »»