دمها ولا يسكن بل يكون سائلا وان كثر بلا خلاف ولا اشكال فيه في الفرض لعموم أدلة نفى الحرج مضافا إلى الأخبار المستفيضة الآتية الدالة عليه وانما الاشكال والخلاف في اعتبار القيدين الذين اعتبرهما المصنف وغيره في موضوع الحكم أعني المشقة والسيلان فقد اختلفت كلمات الأصحاب في اعتبارهما فعن ظاهر الصدوق كصريح جملة من المتأخرين بل أكثرهم عدم اعتبار شئ من القيدين والعفو عنه مطلقا حتى يتحقق البرء لكن في المدارك بعد أن اختار هذا القول قال وينبغي ان يراد بالبرء الا من من خروج الدم منهما وان لم يندمل اثرهما * (وعن) * جملة من الأصحاب بل عن أكثر هم اعتبار أحد القيدين أو كليهما بل عن كاشف الغطاء في شرح القواعد نسبة اعتبار كلا القيدين تارة إلى الأكثر وأخرى إلى المشهور قال فيما حكى عنه ان التقييد في أكثر كتب الفقهاء الا ان عباراتهم متفاوتة وبعد ذكر جملة من التقييدات المذكورة في عبائرهم المختلفة في التعبير ادعى ان مرجع الجميع إلى اعتبار مشقة الإزالة قال بل الكل استندوا إلى المشقة فيعطى كلام الجميع لزوم الاستمرار على وجه لا يتيسر الصلاة مع الخلو من الدم فيكون حالهما حال صاحب السلس والبطن والمستحاضة وقال في اخر كلامه على ما حكى عنه الشهرة بل الاجماعات المنقولة معلنة باعتبار دوام السيلان على وجه يحصل به المشقة وكلامهم بعد امعان النظر لا اختلاف فيه وكلمتهم في ذلك واحدة ولا يضر خلاف من شذ ممن تأخر وعن مفتاح الكرامة أيضا ما يقرب من ذلك قال فيما حكى عنه ان الظاهر من كلام الأكثر ان المدار على المشقة والحرج وكلامهم يعطى لزوم الاستمرار على وجه لا يتيسر الصلاة بدون الدم فيكون حالهما حال صاحب السلس والمبطون والمستحاضة ودائم النجاسة انتهى * (أقول) * [فح] لا مقتضى لافراد هذا الدم بالذكر عدا متابعة النصوص مع أن الذي يظهر بالتأمل في كلماتهم ان الامر في هذا الدم لديهم أوسع من سائر النجاسات ومن هنا قد يغلب على الظن ان مرادهم بالمشقة هي المشقة العرفية الحاصلة باحتياجه في أغلب أوقات صلاته إلى التطهير دون الحرج والرافع للتكليف بمقتضى أدلة نفى الحرج ومرادهم بعدم رقى الدم أو كون الجروح والقروح دامية أو غير ذلك مما وقع في عبائرهم ليس الا ما ينطبق على المصاديق الخارجية الغالبية دون الافراد النادرة أو الفرضية وهى ما كان لها استعداد الجريان على وجه يكثر في الخارج ويتكرر تلبسه بالجريان الفعلي لا ما كان جاريا بالفعل * (نعم) * قد يأبى عن هذا الحمل عبائر جملة منهم ممن صرح باستمرار الجريان في جميع الوقت أو تعاقب الجريان على وجه لاتسع فتراتها للإزالة وأداء الفريضة * (وكيف) * كان فالمتبع هو ما يفهم من اخبار الباب * (فمنها) * صحيحة ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده فقال يصلى في ثيابه ولا يغسلها وفى الحسن عن ليث المرادي نحوه الا انه لم يذكر في متنه وثيابه بمنزلة جلده ومقتضى اطلاق الجواب من غير استفصال عدم وجوب الغسل ما دام الصدق العرفي وهو ما لم يتحقق البرء فتدل على عدم اعتبار السيلان بل ولا كون الا دالة تكليفا حرجيا ونحوها صحيحة عبد الرحمن قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه يغسل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي فقال دعه فلا يضرك ان لا تغسله وموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرء وينقطع الدم وقد يتوهم امكان الاستشهاد بهذه الموثقة لمذهب القائلين باعتبار السيلان بحمل البرء الذي جعل غاية لعدم الغسل على إرادة امساك الدم ووقوفه عن السيلان كما يشهد له عطف انقطاع الدم عليه الذي هو بحسب الظاهر من قبيل عطف الخاص على العام و * (فيه) * ان المتبادر من عطف الانقطاع على البرء إرادة الانقطاع من أصله المساوق للبرء لا مجرد امساك الدم ووقوفه عن الجريان الصادق على الفترات الحاصلة في الأثناء وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن الرجل يخرج به القروح فلا تزال تدمى كيف يصلى فقال يصلى وان كانت الدماء تسيل وقضية كلمة ان الوصلية كونه على تقدير عدم السيلان أولى بالعفو ولا ينافيه كون المفروض في كلام السائل انها لا تزال تدمى لأن التبادر منه إرادة تكرر الخروج وشيوعه لا استمراره وخبر أبي بصير قال دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو يصلى فقال لي قائدي ان في ثوبه دما فلما انصرف قلت له ان قائدي أخبرني ان بثوبك دما فقال لي ان بي دماميل ولست اغسل ثوبي حتى تبرء وموثقة عماد عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة قال يمسحه ويمسح يده بالحايط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة ورواية الجعفي قال رأيت أبا جعفر (ع) يصلى والدم يسيل من ساقة * (وهذه) * الروايات بأسرها ما عدا الأخيرة منها تدل على العفو مطلقا ما لم يتحقق البرء من غير اعتبار استمرار الجريان بل ولا المشقة الرافعة للتكليف لقضا العادة بعدم كون إزالة الدم وتطهير الثوب أو تبديله قبل تحقق البرء على اطلاقه تكليفا حرجيا إذ ربما تيسر ذلك خصوصا عند اشراف الجرح على الاندمال فلم يحسن جعل البرء غاية لعدم المسيل؟ كما في هذه الروايات لو كان الاستمرار أو المشقة شرطا في العفو كما لا يخفى واما الرواية الأخيرة فهي حكاية فعل لا دلالة فيه على اطلاق العفو كما هو واضح واستدل القول باعتبار المشقة والاستمرار بلزوم الاقتصار على القدر المتيقن من مورد العفو وهو مع ثبوت القيدين * (وفيه) * مالا يخفى بعدما سمعت من النصوص الدالة على الاطلاق وبموثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن الرجل به الجرح والقرح فلا يستطيع ان يربطه ولا يغسل دمه قال يصلى ولا يغسل ثوبه كل يوم الا مرة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة والمضمر المروى في مستطرفات السرائر عن البزنطي عن
(٥٨٧)