مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٩٠
حكى عن الأكثر بل المشهور القول بوجوب ازالته ونسب إلى بعض القول بالعفو عنه واستشهد للأول بصحيحة ابن أبي يعفور ومرسلة جميل المتقدمتين الدالتين على وجوب غسل مقدار الدرهم مجتمعا ومفهوم الفقرة الأولى من خبر الجعفي مع اعتضادها بالشهرة وربما سمعت من الفقه الرضوي من تحديده بما دون الدرهم الوافي والمروى عن كتاب علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال وان صاحب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله ولا تصل فيه حتى تغسله [الخ] والدينار على ما عن الوسائل بسعة الدرهم تقريبا واستدل للعفو عنه بالأصل وبمفهوم الفقرة الثانية من خبر الجعفي وظاهر حسنة ابن مسلم خصوصا ما رواه الشيخ من حذف قوله وما كان أقل وفيه اما الأصل فلا مجرى له بعد ورود الأخبار الخاصة وعلى تقدير معارضة بعضها ببعض وعدم امكان الجمع بينها بارتكاب في بعضها المعين لمزية في صاحبه موجبة لترجيحه فالمرجع هو الأدلة الدالة على وجوب الاجتناب عن الدم وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن المقتصر في تخصيصها على القدر المتيقن أو المرجحات السندية ثم التخيير على أضعف الاحتمالين وكيف كان فلا مسرح للأصل في مثل المقام واما خبر الجعفي فهو اما ساكت عن حكم مقدار الدرهم أو ظاهر في اندراجه في موضوع الفقرة الثانية لأن الشرطيتين اما مسوقتان لبيان الحكمين على تقدير تحقق موضوعيهما من غير إرادة التعليق الحقيقي المستلزم للانتفاء عند الانتفاء بان يكون المقصود بهما مجرد العقد الاثباتي بمنزلة ما لو قيل الدم الذي هو أقل من الدرهم معفو عنه والدم الذي أكثر من الدرهم غير معفو عنه فلا يفهم منهما حكم الدرهم أو ان المراد بالشرطية الأولى التعليق الحقيقي الدال على الانتفاء عند الانتفاء فلا يعقل [ح] ان يراد بالثانية أيضا هذا المعنى وبعبارة أخرى لا يعقل ان يراد بالشرطيتين المفهوم والا لتناقض مفهوما هما في مورد الاجتماع فالقضية الثانية بحسب الظاهر معراة عن المفهوم سبقت لتأكيد ما يفهم من الشرطية الأولى فموضوعها في الواقع أعم مما هو مذكور في القضية وانما خص بعض افراده بالذكر لنكتة الغلبة أو المقابلة بين الأقل والأكثر والالتزام بعكس ما ذكر بالغاء الشرطية الأولى عن المفهوم وان أمكن لكنه خلاف الظاهر فتلخص لك ان هذه الرواية اما ساكتة عن حكم مقدار الدرهم أو دالة على عدم العفو عنه واما خبر محمد بن مسلم فهو وان كان ظاهرا في إناطة عدم العفو بالزيادة عن الدرهم لكن ارتكاب التأويل فيه بحمله على إرادة الدرهم فما زاد أقرب إلى الذهن من ارتكاب التأويل في الخبرين المتقدمين الظاهرين في عدم العفو عن مقدار الدرهم مجتمعا بحملهما على إرادة ما تجاوز عن هذا المقدار فان هذا أيضا وان كان تأويلا قريبا لكن الأول أقرب كما يشهد بذلك من له انس بالمحاورات العرفية وعلى تقدير تكافوا الاحتمالين الموجب لاجمال الروايات بالنسبة إلى حكم مقدار الدرهم يتعين الرجوع في حكمه إلى ما دل باطلاقه أو عمومه على وجوب إزالة الدم أو مطلق النجاسات عن الثوب والبدن كما تقدمت الإشارة إليه ولو نوقش في عمومات الأدلة الصالحة للرجوع إليها فلا أقل من كون ما ذكر قاعدة كلية متلقاة من الشرع ثابتة بالاجماع وغيره من الاخبار الجزئية الواردة في باب النجاسات كما لا يخفى على المتأمل فظهر بما ذكرنا ان الأظهر عدم العفو عن مقدار الدرهم * (ثم) * لو قلنا بالعفو عن مقدار الدرهم وكانت الدراهم المتعارفة مختلفة المقدار فالعبرة في عدم العفو بالزيادة عن جنسها على الاطلاق فلا يضر زيادته عن بعض المصاديق دون بعض و هذا بخلاف ما لو قلنا بالعفو عما دون الدرهم لا مقداره فإنه يعتبر على هذا التقدير نقصانه عن مطلقه فلا يجدي نقصانه عن بعض مصاديقه كما هو واضح تم ان المراد بالدرهم على الظاهر غير الدرهم الاسلامي الذي حدد وزنه بستة دوانيق فان الأصحاب بين من قيده بالوافي الذي وزنه درهم وثلث كما في السرائر والمحكى عن الفقيه والهداية والمقنعة والانتصار والخلاف والغنية بل قيل إنه معقد الاجماع في الثلاثة الأخيرة وقد سمعت من الفقه الرضوي التصريح به وبحده وبين من قيده بالبغلي كالفاضلين ومن تأخر عنهما وعن كشف الحق انه مذهب الإمامية و الظاهر اتحاد المراد بالعبارتين كما هو قضية الجمع بين الاجماع المتقدم المحكى عن الانتصار والخلاف والغنية وبين نسبة البغلي في كشف الحق إلى مذهب الإمامية ويشهد له أيضا تصريح غير واحد بذلك فعن المصنف في المعتبر والدرهم هو الوافي الذي وزنه درهم وثلث ويسمى البغلي نسبة إلى قرية بالجامعين وعن الشهيد في الذكرى أنه قال إن الدرهم هو البغلي باسكان الغين منسوب إلى رأس البغل ضربه الثاني في خلافته بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق والبغلية تسمى قبل الاسلام بالكسروية فحدث لها هذا الاسم في الاسلام والوزن بحاله وجرت في المعاملة مع الطبرية وهى أربعة دوانيق فلما كان زمان عبد الملك جمع بينهما واتخذ درهما منهما واستقر امر الاسلام على ستة دوانيق وهذه التسمية ذكرها ابن دريد وقيل منسوب إلى بغل قرية بالجامعين كان يوجد فيها دراهم يضرب وسعتها من أخمص الراحة لتقدم الدراهم على الاسلام قلنا لا ريب في تقدمها وانما التسمية حادثة فالرجوع إلى المنقول أولى * (انتهى) * ولعل مراده بالقول الذي أشار إليه في ذيل كلام ما ذكره الحلي في السرائر حيث قال بعد أن أفتى بالعفو عما دون الدرهم الوافي الذي هو المضروب من درهم وثلث وبعضهم يقولون دون الدرهم البغلي وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها بغل قريبة من بابل بينها وبينها قريب من فرسخ متصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الجفرة والغسالون دراهم واسعة شاهدت درهما من تلك الدراهم وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام المعتاد يقرب سعته من سعة أخمص الراحة وقال لي بعض من عاصرته ممن له علم باخبار الناس والأنساب ان المدينة والدراهم منسوبة إلى ابن أبي البغل رجل
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»