مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٨٦
انه سئل أيصلح مكان حش ان يتخذ مسجدا فقال إذا القى عليه من التراب ما يوارى ذلك ويقطع ريحه فلا بأس وذلك لأن التراب يطهره وبه مضت السنة وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن بيت كان حشا زمانا هل يصلح ان يجعل مسجدا قال إذا نظف وأصلح فلا بأس لكن مقتضى هذه الروايات اختصاص الحكم بظاهر المسجد دون باطنه فلا يجب إزالة النجاسة عن باطنه والا لم يكن طم الكنيف وطرح التراب الموجب لقطع ريحه كافيا في تجويز اتخاذه مسجدا وقد حكى عن المحقق الأردبيلي التصريح بدلالة هذه الأخبار على عدم الاشتراط والميل إليه واختاره في الجواهر لكن في خصوص مورد الاخبار وما يشبهه مما يتعذر إزالة النجاسة عنه أو يتعسر فأجاز جعله مسجدا بعد طمه بخلاف ما تيسر تطهيره و الأوجه عدم الاشتراط مطلقا لظهور الاخبار في كون طرح وطم التراب المكان الخبيث محققا لطهارة المعتبرة في المسجدية بل كون أطهر من تنظيف المكان وعدم كونه حكما تعبديا مخصوصا بمورده هذا مع أنه لا دليل على وجوب إزالة النجاسة عن باطن المسجد فان عمدة مستند الحكم الاجماع ولم يعلم اندراج الفرض في موضوع كلمات المجمعين بل ربما يستشعر عدمه من اطلاق حكمهم بجواز اتخاذ الكنيف مسجدا بعد طمه بل عن بعضهم التصريح بكفاية طرح التراب عليه على وجه يقطع ريحه من غير اشعار في كلامهم بكونه حكما خاصا تعبديا مستثنى مما بنوا عليه من وجوب تجنب المساجد النجاسات كما هو واضح نعم لافرق بحسب الظاهر بين ارض المسجد وحايطه من داخل المسجد وما يتعلق به من الفرش والبواري ونحوها من توابع المسجد واجزائه فان المتبادر من وجوب تجنب المساجد النجاسة كما في النبوي وفى فتاوى الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم ما يعمها وفى وجوب تطهير الحايط من الخارج تردد لامكان دعوى انصراف الأدلة عنه والله العالم * (ثم) * ان وجوب إزالة النجاسة عن المسجد على الفور بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المدار أو الذخيرة نسبته إلى الأصحاب فان المستفاد من الفتاوى ومعاقد الاجماعات المحكية على وجوب تجنيب المساجد النجاسة انما هو وجوب حفظ المسجد عن النجاسة وحرمة احداث النجاسة أو ابقائها فيه كما أن المنساق إلى الذهن من الامر بالتجنب في النبوي ليس الا هذا المعنى لا مجرد تبعيدها عن المجسد في زمان من الأزمنة المستقبلة وقد عرفت انفا ان خبر علي بن جعفر (ع) أيضا يدل على مطلوبيتها على الفور فلا اشكال فيه كما أنه لا اشكال في كون وجوبها كفائيا بالنسبة إلى من استجمع شرائط هذا التكليف إذ الخطاب به غير مخصوص ببعض دون بعض وعن ظاهر الذكرى وجوبها على من ادخله * (وفيه) * انه قد لا يكون ادخاله من فعل مكلف أو يكون من فعل مكلف يخل بإزالته تقصيرا أو قصورا مع أنه لا تأمل بل لا خلاف في وجوب ازالته على سائر الناس في شئ من الفروض ولعله أراد بوجوبه بها عينا على من ادخله مالا ينافي ذلك فزعم كونه كانفاق الولد الفقير واجبا عينيا على والده وكفائيا على عامة الناس * (وقد) * يشكل ذلك بان وجوبها على من ادخله انما استفيد من أدلة وجوب التجنيب الشامل لجميع المكلفين فكيف يمكن استفادة الوجوب العيني على بعض والكفائي على آخرين من دليل واحد ويمكن توجيهه فيما لو كان من ادخله متعمدا في فعله اثما به بدعوى انه يستفاد عرفا مما دل على وجوب التجنيب حرمة التنجيس اعني جعل المسجد متنجسا أعم من احداثه وابقائه فيجب عليه عينا رفعه تخلصا عن التنجيس المحرم كما أنه يجب عليه وعلى غيره من المكلفين ازالته كفاية للامر بالتجنب الشامل للجميع فليتأمل * (تنبيه) * الحق جملة من الأصحاب كالشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم على ما حكى عنهم بالمساجد في وجوب إزالة النجاسة عنها المصاحف والضرايح المقدسة و الحق بعض أيضا المشاهد وغيرها مما هو أعظم حرمة في الشريعة من المساجد كالتربة الحسينية خصوصا المتخذة منها للتبرك والاستشفاء وهو حسن ان تحقق ان مناط الحكم مجرد الاحترام وتعظيم المسجد والا فلا يخلو عن تأمل وكون فعل الإزالة تعظيما واحتراما لا يكفي في الحكم بالوجوب ما لم يدل عليه دليل تعبدي إذ رب احترام لا يجب ككنس المشاهد وتنظيفها عن القذارات الصورية ما لم يكن تركه مؤديا إلى المهانة والاستخفاف ودعوى ان ترك الإزالة عن مثل هذه الأمور كتنجيسها في انظار المتشرعة يعد استخفافا وهتكا لحرمتها على اطلاقها قابلة للمنع هذا في غير خط المصحف واما فيه ففي طهارة شيخنا المرتضى لا اشكال في وجوب الإزالة عنه بفحوى حرمة مس المحدث له * (أقول) * انما تتم الفحوى لو قلنا بوجوب حفظ المصحف عن أن يمسه غير المتطهر وان لم يكن مكلفا لصغر أو جنون أو غفلة بان وجب منع غير المتطهر وامساكه من أن يمس الخط وان لم يكن ملتفتا أو مكلفا كما تقدم الكلام فيه في محله والا فلا تتم الا بالنسبة إلى حرمة التنجيس لا وجوب الإزالة كما لا يخفى ويجب إزالة النجاسة أيضا عن الأواني مقدمة لاستعمالها فيما على اشتراطه بالطهارة من المأكول والمشروب وماء الغسل والوضوء ونحوها اما إذا كانت النجاسة عينية أو قلنا بكون المتنجس منجسا كما هو المشهور فوجهه واضح واما ان لم تكن عينية ولم نقل بما هو المشهور فلتعلق الامر بغسل الأواني في عدة من الاخبار ومن المعلوم عدم كون وجوبه نفسيا تعبديا وانما وجب غسلها مقدمة لاستعمالها في مثل هذه الموارد بشهادة العرف وغيره من القرائن المستفادة من الاخبار وغيرها ولذا استدل المشهور بتلك الأخبار كون المتنجس منجسا ونحن وان أنكرنا عليهم دلالتها على ذلك ولكن اعترفنا بأنه يستفاد منها اجمالا حرمة استعمال الأواني في مثل هذه الموارد التي تكون نظافة الإناء مرغوبا لدى العرف والعقلاء وفراجع و * (كيف) * كان فلا تأمل في دلالة تلك الأخبار على وجوب غسل الأواني في الجملة مقدمة لاستعمالها في مثل هذه الموارد وان كان قد يتأمل بناء على القول بعدم السراية في اطلاق الوجوب أو عمومه بالنسبة إلى بعض تلك الموارد والله العالم وعفى في الثوب والبدن عما يشق التحرز منه من دم القروح والجروح التي لا ترقى أي لا ينقطع
(٥٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 ... » »»