مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٧٦
مضافا إلى ذلك خبر زرارة المتقدم المصرح بالكراهة بناء على ظهوره في إرادة الكراهة بمعناها الأخص كما ليس بالبعيد ويدل عليه أيضا رواية أبي الأعز النخاس قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فارى اثره فيه قال ليس عليك شئ * (ورواية) * المعلى بن خنيس و عبد الله بن أبي يعفور قالا كنا في جنازة وقدامنا حمار فجائت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله (ع) فأخبرناه فقال ليس عليكم بأس فان مقتضى الجمع بينهما وبين اخبار النجاسة ارتكاب التأويل في تلك الأخبار كما هو واضح لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط في غير موارد الضرورة والحرج والله العالم * (القول الثاني) * في احكام النجاسات المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم ان كل ما حكم بنجاسته شرعا يؤثر في تنجيس ما يلاقيه برطوبة سارية عدا الماء الكثير وشبهه بل القليل أيضا في الجملة أو مطلقا على الخلاف المتقدم في محله فينجس الملاقى له وينجس ما يلاقيه وهكذا بلغ ما بلغ وقد وقع الخلاف في ذلك في مقامين الأول في اشتراط الرطوبة في السراية وقد أنكره غير واحد في الميتة اما مطلقا أو في خصوص ميت الانسان فزعموا سراية النجاسة منها إلى ما يلاقيها ولو مع الجفاف وقد تقدم تفصيل الكلام فيه مع ما فيه من الضعف في محله * (الثاني) * في سراية النجاسة من كل ما حكم بنجاسته إلى ملاقيه وقد خالف فذلك ابن إدريس فإنه قال في السرائر بعد الكلام في تغسيل الميت ويغتسل الغاسل فرضا واجبا في الحال أو فيما بعد فان مس مايعا قبل اغتساله وخالطه لا يفسده ولا ينجسه وكذلك إذا لاقى جسد الميت من قبل غسله إناء ثم افرغ في ذلك الإناء قبل غسله مايع فإنه لا ينجس ذلك المايع وان كان الإناء يجب غسله لأنه لاقى جسد الميت وليس كذلك المايع الذي حصل فيه لأنه لم يلاق جسد الميت وحمله على ذلك قياس وتجاوز في الاحكام بغير دليل والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل قاطع للعذر وان كنا متعبدين بغسل ما لاقى جسد الميت لأن هذه نجاسات حكميات وليست بعينيات والأحكام الشرعية نثبتها بحسب الأدلة الشرعية ولا خلاف أيضا بين الأمة كافة ان المساجد يجب ان تنزه وتجنب النجاسات العينية وقد اجمعنا بلا خلاف في ذلك بيننا على أن من غسل ميتا له ان يدخل المسجد و يجلس فيه فضلا عن مروره وجوازه ودخوله إليه فلو كان نجس العين لما جاز ذلك وادى إلى تناقض الأدلة وأيضا فان الماء المستعمل في الطهارة على ضربين ماء استعمل في الصغرى والاخر ما استعمل في الكبرى فالماء المستعمل في الصغرى لا خلاف بيننا انه طاهر مطهر والماء المستعمل في الطهارة الكبرى الصحيح عند محققي أصحابنا انه أيضا طاهر مطهر ومن خالف فيه من أصحابنا من قال هو طاهر يزيل النجاسات العينيات ولا يرفع الحكميات فقد اتفقوا جميعا على أنه طاهر ومن جملة الأغسال والطهارات الكبار غسل من غسل ميتا فلو نجس ما يلاقيه من المايعات لما كان الماء الذي قد استعمله في غسله وإزالة حدثه طاهرا بالاتفاق والاجماع الذين أشرنا إليها انتهى ولا يخفى عليك ان مقتضى دليله الأول انكار سراية النجاسة من المتنجسات الخالية من أعيان النجاسات مطلقا إذ لا خصوصية لملاقى الميت في ذلك اللهم الا ان يقول بكون نجاسة الميت أيضا حكمية كما حكى القول بذلك عن المرتضى ره فعلى هذا يكون مقصوده بقوله وهذه نجاسات حكميات نجاسة الميت وما يلاقيه لكن يبعد ذلك مضافا إلى عدم معروفية الخلاف عنه في نجاسة الميت التتبع في كلماته في باب البئر وغيره مما يظهر منه كون نجاسة الميت من ذي النفس مطلقا انسانا كان أو غيره لديه عينيته وابعد من ذلك احتمال ان يكون مقصوده بملاقاة الإناء للميت ملاقاته له مع الجفاف لا مطلقا كما حكى القول بنجاسته الحكمية في الفرض بمعنى وجوب غسله وعدم تأثيره في تنجيس ملاقيه عن بعض لأن كلامه كالصريح في عدم ارادته خصوص هذا الفرض لأنه ذكر مسألة الإناء من باب الاستطراد وغرضه الأصلي اثبات عدم انفعال المايع الذي مسه غاسل الميت قبل التطهير الذي زعم عدم حصوله الا بالاغتسال فغرضه ليس الا انكار سراية النجاسة من الجسم المتنجس بملاقاة الميت تشبثا بعدم الدليل عليها وكون الحكم بثبوت هذا الحكم للمتنجس قياسا ولذا اعترضه المصنف ره في محكى المعتبر بقوله لما اجتمع الأصحاب على نجاسة اليد الملاقية للميت واجمعوا على نجاسة المايع إذا وقع فيه نجاسة لزم من مجموع القولين نجاسة ذلك المايع لا بالقياس انتهى وكيف كان فلا خفاء في ظهور عبارة الحلي في الانكار في مورد الكلام كما أنه لاخفاء في اقتضاء دليله منع السراية في المتنجسات مطلقا ولعله ملتزم بذلك في غير المايعات الملاقية لأعيان النجاسات التي تتأثر ذواتها بملاقاة النجس ولا تقبل التطهير كما ربما يظهر ذلك مما ذكره في كتابه بعد ذكر النجاسات وبيان وجوب إزالة قليلها وكثيرها من الثوب ونحوه حيث قال وجملة الامر وعقد الباب ان ما يؤثر التنجيس على ثلاثة اضرب أحدها يؤثر بالمخالطة وثانيها بالملاقاة وثالثها بعدم الحياة فالأول أبوال وخرء كل ما لا يؤكل لحمه وما يؤكل إذا كان جلالا والشراب المسكر والفقاع والمني والدم المسفوح وكل مايع نجس بغيره والثاني ان يماس الماء أو غيره حيوان نجس العين وهو الكلب والخنزير والكافر والثالث ان يموت في الماء وغيره حيوان له نفس سائلة ولا حكم لما عد ما ذكر في التنجيس انتهى فان الأجسام الجامدة الملاقية لأعيان النجاسات الخالية منها خارجة من هذه الاقسام كما لا يخفى * (وكيف) * كان فقد اختار هذا القول أي عدم سراية النجاسة من المتنجسات الخالية من أعيان النجاسات إلى ما يلاقيها المحدث الكاشاني وبالغ في نصرته وأكثر الطعن في جملة من كلماته على المشهور القائلين بالسراية قال في محكى المفاتيح انما يجب
(٥٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 ... » »»