المراد به بحسب الظاهر هو الماء الأحمر الرقيق الخارج من الجرح وحاله مشتبه عرفا من أنه دم رقيق أو شئ ممزوج به أو طبيعة ثالثة قال في المجمع الصديد قيح ودم وقيل هو القيح كأنه الماء في رقته والدم في شكله انتهى فلا خفاء فيه من حيث الحكم الشرعي لأنه ان صدق عليه عرفا انه شئ ممزوج بالدم فهو نجس والا فظاهر ومع الجهل بحاله يحكم بطهارته للأصل كغيره من الشبهات الموضوعية وما عن الشيخ في المبسوط من اطلاق القول بطهارته فإنه بعد الحكم بطهارة القى ونقل القول بنجاسته عن بعض أصحابنا قال والصديد والقيح حكمهما حكم القى انتهى لعلة مبنى على كونه طبيعة ثالثة أو الجهل بحاله والا فضعفه * (ظاهر واما) * ما ارسله الشيخ عن بعض أصحابنا من القول بنجاسة القى فلعل مستنده خبر أبي الهلال قال سئلت أبا عبد الله (ع) أينقض الرعاف والقى نتف الإبط الوضوء فقال وما تصنع بهذا هذا قول المغيرة بن سعيد لعن الله المغيرة يجزيك من الرعاف والقى ان تغسله ولا تعيد الوضوء * (وفيه) * بعد تسليم ظهورها في وجوب الغسل الكاشف عن نجاسته يرفع اليد عنه بموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) عن القى يصيب الثوب ولا يغسل قال لا بأس به وعن عمار أيضا انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل تقيا في ثوبه يجوز ان يصلى فيه ولا يغسل قال لا بأس * (تنبيه) * ربما يظهر من بعض الأخبار نجاسة الحديد كموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا قص أظفاره بالحديد أوجز (اخذ) من شعره أو حلق قفاه فان عليه ان يمسحه بالماء قبل ان يصلى سئل فان صلى ولم يمسح بالماء قال يعيد الصلاة لأن الحديد ينجس وقال لأن الحديد لباس أهل النار والذهب لباس أهل الجنة وموثقته الأخرى عن أبي عبد الله (ع) أيضا قال الرجل يقرض من شعره بأسنانه أيمسحه بالماء قبل ان يصلى قال لا بأس انما ذلك في الحديد ورواية موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله (ع) في الحديد انه حلية أهل النار إلى أن قال وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن والشياطين فحرم على الرجل المسلم ان يلبسه في الصلاة الا ان يكون قبال عدو فلا بأس به قلت فالرجل يكون في السفر معه السكين في خفه لا يستغنى عنه أو في سراويله مشدود أو مفتاح يخشى ان وضعه ضاع أو يكون في وسطه المنطقة من حديد قال لا باس بالسكين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان ولا بأس بالسيف وكل آلة السلاح في الحرب وفى غير ذلك لا تجوز الصلاة في شئ من الحديد لأنه نجس ممسوخ ويؤيده رواية أبي بصير عن أبي عبد الله قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تختتموا بغير الفضة فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما طهرت كف فيها خاتم حديد ومرسلة الفقيه قال قال صلى الله عليه وآله ما طهر الله يدا فيها حلقة حديد والأولى حمل هذه الروايات على مرتبة من القذارة مقتضية لكراهة الصلاة فيه واستحباب مسح ما يلاقيه بالماء في الموارد التي ورد التصريح به من الشارع واستحباب إعادة الصلاة عند ترك المسح ولا ينافيه النهى عن إعادة الصلاة في خبر علي بن جعفر (ع) انه سئل أخاه موسى عليه السلام عن رجل اخذ من شعره ولم يمسحه بالماء ثم يقوم فيصلى قال ينصرف فيمسحه بالماء ولا يعيد صلاته تلك لوروده في مقام توهم الوجوب فليتأمل وكيف كان فثبوت هذه المرتبة من القذارة يصحح اطلاق النجس عليه بل لم يثبت كون النجس في زمان صدور الروايات حقيقة في خصوص النجاسة المصطلحة وكيف كان فلا يمكن ابقاء هذه الروايات على ظاهرها من وجوب المسح وحرمة الصلاة لمخالفتها لليسرة القطعية من زمان النبي صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا على عدم التجنب عما يلاقيه خصوصا مع روايتي عمار في عدم الفرق بين ما لاقاه مع رطوبة سارية أو بدونها مضافا إلى معارضتها باخبار كثيرة دالة على خلافها كرواية الحسن بن الجهم قال أراني أبو الحسن (ع) ميلا من حديد ومكحلة من عظام فقال هذا كان لأبي الحسن (ع) فاكتحل به فاكتحلت وصحيحة سعيد بن عبد الله الأعرج قال قلت لأبي عبد الله (ع) اخذ من أظفاري ومن شاربي واحلق رأسي فاغتسل قال لا ليس عليك غسل قلت فأتوضأ قال لا ليس عليك وضوء قلت فامسح على أظفاري الماء قال هو طهور ليس عليك مسح وخبر وهب بن وهب عن جعفر بن محمد (ع) ان عليا قال السيف بمنزلة الرداء تصلى فيه ما لم تر دما إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه ولذا لم يعمل أحد بظاهر اخبار النجاسة كما يشهد له استفاضة نقل الاجماع على الطهارة بل تواتره نعم قد شاع في الألسن نسبة القول بنجاسة الحديد إلى الأخباريين ولعله من المشهورات التي لا أصل لها كما يشهد بذلك دعوى صاحب الحدائق الاجماع على الطهارة ويظهر من صاحب الوسائل أيضا ذلك مع أنهما اعرف بمذاهب الأخباريين ولعل منشاء النسبة ما حكاه في الحدائق عن بعض المتورعين انه كان يجتنب اكل مثل البطيخ ونحوه إذا قطع بالحديد ولعمري انه تورع فيما لا يكاد يرتاب المتورع في أن النبي والأئمة عليهم السلام لم يكونوا يتورعون من مثله ويدل على استحباب مسح الرأس بعد حلقه واستحباب مسح الأظفار بعد قصها مضافا إلى ما عرفت صحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون على طهر فيأخذ من أظفاره أو شعره أيعيد الوضوء فقال لا ولكن يمسح رأسه وأظفاره بالماء قلت فإنهم يزعمون أن فيه الوضوء فقال إن خاصموكم فلا تخاصموهم وقولوا هكذا السنة ويكره بول البغال والحمير والدواب على المشهور ونقل من ابن الجنيد والشيخ في النهاية القول بالنجاسة وعن جماعة من المتأخرين كالمحقق الأردبيلي وصاحبي المعالم والمدارك تقويته واختاره في الحدائق بل بالغ في تأييده وتضعيف مستند المشهور وأطال الكلام في النقض والابرام وعمدة ما أوقعه في ذلك ما بنى عليه في جميع المسائل الفرعية من عدم ارتكاب التأويل في الظاهر بحمل الامر على الاستحباب مثلا بواسطة النص والمعاملة معهما معاملة المتعارضين بالرجوع إلى المرجحات السندية وهو عندنا غير وجيه كما
(٥٧٤)