غسل ما لاقى عين النجاسة واما ما لاقى الملاقى لها بعدما أزيل عنه العين بالتمسح ونحوه بحيث لا يبقى فيه شئ منها فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة على انا لا نحتاج إلى دليل على ذلك فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف الا بعد البيان ولا حكم الا بعد البرهان ثم جرى على قلمه تعريضا على المشهور القائلين بالسراية بعض الكلمات التي لا يناسب صدورها من مثله عصمنا الله من الزلل في القول والعمل وعن موضع اخر من كتابه بعد ذكر النجاسات العشرة في طي مفاتيح قال مفتاح كل شئ غير ما ذكر فهو طاهر ما لم يلاق شيئا من النجاسات برطوبة للأصل السالم من المعارض وللوثق كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر انتهى وظاهر هاتين العبارتين التزامه بسراية النجاسة من أعيان النجاسات ووجوب غسل ما يلاقيها مطلقا ولو بعد زوال العين وانكارها بالنسبة إلى المتنجس لكن قد يلوح من بعض عبائره المحكية عنه التي سيأتي نقلها انكار ذلك أيضا والتزامه بدوران حكم النجاسة مدار عينها الا في الموارد التي ثبت تعبدا وجوب غسل ملاقيها كالثوب والبدن دون سائر الأجسام وجعل ذلك وجها للحكم بطهارة البواطن وبدن الحيوانات بزوال العين عنها لا لخصوصية فيها وربما يلوح هذا المعنى أي دوران حكم النجاسات مدار عينها من السيد ره في بعض كلماته المحكية عنه كاستدلاله لجواز استعمال المايعات الطاهرة غير الماء في تطهير الثوب بان تطهير الثوب ليس الا إزالة النجاسة عنه وقد زالت بغير الماء مشاهدة لأن الثوب لا يلحقه عبادة واصرح من ذلك ما حكى عنه من القول بجواز تطهير الأجسام الصيقلية بالمسح بحيث يزول عنها العين معللا لذلك بزوال العلة وعن المحدث الكاشاني بعد أن حكى هذا القول والاستدلال عن السيد قال وهو لا يخلو من قوة إذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب أعيان النجاسات اما وجوب غسلها بالماء من كل جسم فلا فما علم زوال النجاسة عنه قطعا حكم بتطهره الا ما خرج بدليل يقتضى اشتراط الماء كالثوب والبدن ومن هنا يظهر طهارة البواطن بزوال العين وطهارة أعضاء الحيوان النجسة غير الادمى كما يستفاد من الصحاح انتهى ولا يخفى عليك ان هذا المعنى الذي يظهر من السيد ماله إلى انكار السراية رأسا حتى بالنسبة إلى النجاسات العينية لكن الظاهر بل المقطوع به ان محط نظر هؤلاء الجماعة كما هو صريح العبارة المحكية عن الحلي انما هو انكار كون الأجسام الجامدة المتأثرة بملاقاة النجاسات كأعيانها من حيث الحكم واما المايعات الملاقية لها التي تتأثر ذواتها بملاقاة النجس فلا خلاف في كونها كأعيانها في وجوب ازالتها عن الثوب والبدن وغيره من اثار التنجس كما يشهد بذلك التدبر في كلماتهم ثم انا وان استظهرنا من الحلي والسيد القول بمنع السراية لكن القائل به صريحا انما هو المحدث الكاشاني ولذا جل من تأخر عنه ممن تعرض لابطال هذا المذهب جعلوه من متفرداته وطعنوه بمخالفته للاجماع بل عن بعضهم الترقي عن ذلك وطعنه بمخالفته للضرورة * (أقول) * ان أريد بالضرورة غير معناها الذي تقدم الكلام في كفر منكره فله وجه والا فرميه بذلك غفلة من الرامي فان ضروريات الشرع في هذه الاعصار منحصرة في الاحكام الكثيرة الدوران في كلمات الشارع من الكتاب والسنة القطعية كالصلاة والصوم والزكاة ونحوها مما لا يختفي شرعيتها على من راجع الكلمات المعلومة الصدور من الشارع واما ما عداها من الاحكام وان كانت اجماعية أو ضرورية لدى المتشرعة في هذا الاعصار بان عرفها جميعهم بحيث لم يحتملوا خلافها فاثبات صدورها من الشارع ولو بعد تسليم كونها كذلك يحتاج إلى مقدمات نظرية كقاعدة اللطف أو استكشاف رأى الرئيس من اجتماع المرؤسين أو قضاء العادة بوصول الحكم إليهم يدا بيد إلى غير ذلك من المقدمات التي غايتها بعد الاذعان بها صيرورة الحكم بواسطتها قطعيا والاحكام الضرورية عبارة عن الاحكام التي قياساتها معها بان كان صدورها من النبي صلى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السلام بديهيا بحيث يكون الاعتراف بصدقهم كافيا في الاذعان بتحققها من غير احتياجها إلى توسيط مقدمة خارجية من اجماع ونحوه وكيف كان فالذي يمكن ان يستدل به للسراية أمور * (الأول) * اجماع العلماء عليها خلفا عن سلف كما يكشف عن ذلك ارسالهم ارسال المسلمات التي لا يشوبها شائبة انكار مع تصريح جملة منهم بكونها اجماعية الثاني معروفيتها لدى المتشرعة ومغروسيتها في أذهانهم على وجه يزعمونها من ضروريات المذهب فيستكشف بها وصول الحكم إليهم يدا بيد عن الأئمة (ع) * (الثالث) * الأخبار المستفيضة الدالة عليها فمنها ما يدل على وجوب الاجتناب عن ملاقي التنجس وحرمة الانتفاع به ان كان مايعا ولو مع خلوه من عين النجاسة كالمستفيضة الدالة على نجاسة الماء القليل الواقع فيه شئ من النجاسات والأخبار الدالة على نجاسة السمن والزيت وغيرهما من المايعات التي مات فيها الفارة ونحوها وما دل على عدم جواز الاستصباح بأليات الغنم المقطوعة من الحي معللا بأنه يصيب الثوب والبدن وهو حرام وهذه الطائفة من الاخبار انما تنهض حجة على من انكر السراية رأسا وقال بدوران النجاسة مدار عينها كما ربما يستشعر من عبارة السيد وبعض عبائر المحدث المتقدم و نحوها الأخبار الدالة على وجوب غسل الثوب والبدن وغيرهما من الأجسام الملاقية للنجس الدالة على عدم كفاية إزالة عينها بغير الغسل بل في بعضها الامر بغسل الملاقى للميتة ونحوها مما لا يبقى فيه اثر محسوس بعد جفافه ولا يعارضها ما يظهر من بعض الأخبار من دوران حكم النجاسة مدار عينا لعدم المكافئة خصوصا مع اعراض الأصحاب عنه و * (منها) * موثقة عمار في الرجل يجد في انائه فارة وقد توضأ من ذلك الإناء مرارا واغتسل وغسل ثيابه وقد كانت الفارة متسلخة فقال إن كان رآها قبل ان يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما
(٥٧٧)